الخميس, أبريل 25, 2024
تقارير

المكتبة الوطنية .. ذاكرة وخزانة السودان تُعاني الإهمال وتتطلع للإنعاش .

تقرير: محمد إبراهيم

في عام 1999م تم تأسيس المكتبة الوطنية في السودان، لتصبح الخزانة الوطنية لكل تراث السودان وعطائه الفكري والإبداعي ليكون زخراً للأجيال القادمة ومعيناً لها في معرفة تراثها وتاريخها وبطولاتها وأمجادها وإنجازاتها على مختلف الأصعدة المحلية والإقليمية والعالمية.

ورغم مرور أكثر من (20) عاماً لم يطرأ تحديث أو تغيير في المكتبة الوطنية، فباتت تعاني الإهمال والتهميش، والواقع الراهن يقول إنها مكتبة ذات مساحات ضيقة ومقرها مؤجر وليس لديها مبنى ثابت، والعاملون بها من المدير وإلى الخفير لا يتجاوز عددهم (11) في مختلف الأوصاف الوظيفية، ويكاد يكون تعيين نصفهم سياسياً إبان فترة النظام المخلوع.

وتتلقى المكتبة تمويلاً ضئيلاً من الحكومة، حسب المراقبين الذين يرون أن دور المكتبة هام في الحياة الثقافية والفكرية وغيرها باعتبارها المكتبة الأم في جمهورية السودان، وتتولى الإشراف على كل المكتبات الولائية والمحلية والمكتبات العامة والجامعية ومكتبات المؤسسات الحكومية، بجانب المكتبات المدرسية، فهذا هو دورها المرسوم لها، ومع مع واقعها المزري لم تتمكن من انجاز شيء.

ما بعد التغيير

بعد سقوط النظام المخلوع شكل وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح، لجنة لدراسة وضع المكتبة الوطنية، برئاسة د. عبد الباقي يونس، وعضوية (11) من المختصين في المجال، ومن مهام اللجنة دراسة وضع المكتبة الوطنية واقتراح سبل تطويرها، ويشمل ذلك مشروع لقانون المكتبة الوطنية والهياكل الإدارية.

وقال أمين مكتبة كلية الآداب جامعة الخرطوم، عضو لجنة تطوير المكتبة الوطنية ياسين شوقي، لـ(مدنية نيوز) أمس الأول إن المكتبة الوطنية تأسست في عام 1999م، وهي مؤسسة حديثة في السودان مقارنة مع بقية الدول، وإنه على الرغم من مرور تلك السنوات لا تزال المكتبة تعاني الكثير وقد أهملت في عهد النظام المخلوع وأصبحت في هامش الحياة الثقافية والسياسية، ولم تأخذ الأولوية حتى تقوم بدورها الطليعي والمهم في المجتمع، وأضاف أنها لا تزال تتلمس طريقها.

وأوضح ياسين، أن المكتبة تسعى للحصول على كل مادة سودانية أو كتبت عن السودان سواء كانت مطبوعة مثل الكتب، المجلات، الرسائل الجامعية، الصحف، التقارير، ملفات الدولة، الخرائط، (النوتات) الموسيقية ووثائق السمنارات والمؤتمرات التي تقام في السودان، وكل المواد المقروءة والمسموعة والمشاهدة من أشرطة (كاسيت) و(فيديو)، أقراص ممغنطة، قواعد بيانات وأية وسائط أخرى.

وتابع: (هنالك العديد من العيوب التي تتخلل المكتبة الوطنية، لا توجد البيبلوغرافيا الوطنية التي تجمع كل الإنتاج الفكري السوداني، ولا توجد قائمة بأسماء المؤلفين السودانيين، ولا توجد قائمة بالدوريات التي تصدر)، وذكر أن المعيار الثقافي الذي يتم تقييم البلاد به من خلال هذه الإحصائيات.

إشكاليات في مواجهة المشروع

وأشار عضو لجنة التطوير، إلى أن المكتبة الوطنية تحتوي على (15) ألف كتاب، وتمتلك المكتبة الوطنية حق رقم الإيداع الدولي للكتب وهو الرقم الذي يتسوق به الكتاب في العالم، وتحسر ياسين، على عدم تمكن المكتبة الوطنية من دفع الاشتراك السنوي للاتحاد الدولي لأرقام الإيداع الذي يقدر بحوالي (5) آلاف يورو، وأبان أن السودان خارج الاتحاد لحوالي (4) سنوات لم يدفع فيها رسومه، وكشف عن خطورة هذه الخطوة وأن تلك المعضلة تشكل أهم المشكلات التي تواجه المؤلفين السودانيين، الذين باتوا يطبعون كتبهم في دول أخرى، ودعا الحكومة لتوفير الأموال .

مشروع القانون

ومن جانبه كشف أمين مكتبة جامعة العلوم الطبية، عضو لجنة تطوير المكتبة الوطنية ياسر بابكر، عن إجازة قانون المكتبة الوطنية الجديد المعدل لسنة 2020م من قبل وكيل وزارة الثقافة والإعلام الرشيد سعيد يعقوب، وذكر أن المسودة النهائية في طريقها لمجلس الوزراء تمهيداً لتقديمها للإجازة النهائية، وأشار إلى أن الهيكل الإداري الجديد تم تحويله لوزارة العمل وسوف يحول لديوان شؤون الخدمة.

وفيما يتعلق بالتعديل في القانون الجديد كشف ياسر، عن تضمن المكتبة الوطنية باعتبارها جهة سيادية وسوف تتبع لرئاسة مجلس الوزراء بدلاً عن وزارة الثقافة والإعلام التي ستتولى الجانب الإشرافي للمكتبة، واعتبر أن هذه النقطة هي الرئيسية في القانون الجديد، وأن الوزارة في وضعها القديم كانت مهمشة بموجب قانونها .

وأبان ياسر، أن من العقبات التي تواجه المكتبة هو المقر الدائم لها، وأكد عدم وجود مقر ثابت للمكتبة حتى الوقت الحالي، وأن مقرها الحالي لا يصلح لمكتبة وطنية تقوم بمهام كبرى ولا يستوعب كتباً كثيرة وعدداً كبيراً من المستفيدين.

وكشف عضو اللجنة عن وجود قطعة أرض مصدقة للمكتبة الوطنية غرب المتحف القومي وجنوب حديقة (6) أبريل في مساحة تقدر بـ (11) ألف متر، ولعدم وجود ميزانيات للمكتبة لم تستطيع تشييد تلك القطعة، واعتبر أن بناء مكتبة وطنية في السودان يعد حلماً، وعول كثيراً على حكومة الثورة في اتخاذ هذه الخطوة المهمة.

ونبه ياسر، إلى أن دور المكتبة الوطنية لا ينحصر فقط في الكتب وأماكن واسعة للقراءة، بل يتعداه إلى مشروع ثقافي متكامل يحتوي على أنشطة ثقافية على مدار العام.

وسجل عضو لجنة التطوير صوت لوم لوسائل الإعلام المختلفة التي لم تسلط الضوء على تدهور المكتبة والأوضاع السيئة التي تعيشها، ورأى أن المكتبة عانت من اجحاف من قبل نظام الحكم المخلوع، وقال : (كل الهيكل الإداري في المكتبة الوطنية يضم “11” من عامل إلى موظف، إضافة إلى أن عدداً منهم تم تعيينهم تعييناً سياسياً أو تمكين).

التدهور الذي تشهده المكتبة الوطنية وضعفها انعكس على كل المكتبات العامة في مختلف مدن السودان، بالإضافة إلى تدهور المكتبات الحكومية والجامعية مع الغياب التام للمكتبات المدرسية، فكما يقال (لا يستقيم الظل والعود أعوج)، وفقاً لمهتمين بشؤون المكتبات، باعتبار أن مهمة المكتبة الوطنية الإشراف على كل أنواع المكتبات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *