الثلاثاء, أبريل 16, 2024
تحقيقات

محلياتٌ تُعاني شح (المُنقِذة للحياة).. النيل الأزرق.. أزمةُ دواء

تحقيق: صفية الصديق

الحق في الصحة من الحقوق ذات الأولوية في العالم، حقٌ تنادي به كل المؤسسات وتضعه كل الدول الديمقراطية من أولى أولوياتها، يتجلى حق الحياة في توفير سعي الحكومات في توفير كل ما من شأنه أن يحافظ على الأرواح باعتبارها مقدسة. توفير العقاقير الطبية والمنقذة للحياة منها يعتبر أمر ضروري، إلا أن قضية توفير الدواء في السودان صارت عملية صعبة؛ إذ تعيش مُعظم ولايات السودان أزمة دواء طاحنة، وتعيش ولاية النيل الأزرق لأسباب كثيرة شحاً في الأدوية المُنقِذة في محليات مختلفة.. تفاصيلها في التحقيق التالي:

إصابات بـ (الملاريا) وغياب تام لأدويتها حتى في منافذ البيع الرسمي، لا نجدها حتى في المستشفى مع شح في كل أنواع الأدوية المنقذة للحياة، علماً بأننا في فصل الشتاء وهنالك أمراض كثيرة مثل الحميات ومشاكل التنفس تحتاج التدخل السريع، هكذا ابتدر المواطن الهادي سعيد حديثه لـ (مدنية نيوز) أمس، وواصل: هذه الأزمة امتدت لأكثر من (3) شهور وما تزال مستمرة، إذ تعاني محلية الدمازين أزمة دواء لا نعرف متى سيتم حلها.

في ذات السياق أوضح عضو لجنة الحرية والتغيير بوحدة (بُلَنقْ) الإدارية بمحلية الكُرمك جنوب النيل الأزرق أبو اليسر محمد، أن الوحدة الإدارية تعاني من عدم وجود الأدوية المجانية والمنقذة للحياة منذ أبريل الفائت إذ لا توجد في المراكز الصحية ولا المستشفيات، وتصلنا الأدوية عبر منظمة، اتصلنا بهم كثيراً لتوفير الأدوية لكنهم يتحججون بعدم توفرها من وزارة الصحة الاتحادية، ولكنها متوفرة في كل العيادات الخارجية والصيدليات الخاصة.

وتجدر الإشارة إلى أن منطقة (بُلَنقْ) هي منطقة بها مجموعة كبيرة من النازحين والعائدين.

ونفس المشكلة تعاني منها قرية (دِندِرو) وهي قرية كبيرة تضم نازحين وعائدين من أكثر من (35) قرية، كما ذكر عضو لجنة الخدمات والتغيير بالمنطقة سابو أبكر.

مشكلة مركبة

وقال د. ضياء الحق حسن الطيب، المدير الطبي لمستشفى (رورو) بمحلية التضامن، غرب ولاية النيل الأزرق على الحدود مع دولة جنوب السودان من الناحية الغربية، إنهم يواجهون مع السودان الأزمة العامة في الدواء، إذ تنعدم في المستشفى عقارات (الهايدروكرتزون) المنقذة للحياة والمتعلقة بإنقاذ مرضى انخفاض الدم، ضعف عضلات القلب والتحسس، كما يوجد شح في (المحاليل الوريدية)، ففي محلية سكانها ما يقارب الـ (250) ألف نسمة لا نملك هذه المحاليل، كان لدينا مخزون (500) محلول (دِرِب) نفذت قبل (3) أسابيع، ومنذ (3) شهور أيضاً نعاني من شح أدوية النساء والتوليد، خصوصاً (أنبولات الطلق الصناعي) منذ فترة توفرت في كل الولاية عدد (100) (أنبولة) لكل الولاية، أرسلت لنا منها الإمدادات الطبية (50) (أنبولة) وتركوا النصف الآخر لمستشفى الدمازين.

وأضاف: نعاني مشكلة أخرى وهي أن الدواء على قلته لا توجد وسيلة لترحيله بعد توقف صندوق الدواء الدوّار عن ذلك.

ومن ناحيته ذكر الطبيب الصيدلاني أزهري الشايب، لـ (مدنية نيوز) أن قضية شح الدواء سببها عدم وجود السيولة الكافية لاستيراد الدواء، وأن الأدوية المنقذة للحياة أصبحت في الفترة الأخيرة لا تأتي بكميات كافية حتى من قبل الشركات والتوكيلات الطبية، فمشكلة الدواء يعاني منها ريف الدمازين والمناطق القريبة ذات الكثافة السكانية العالية.

شح وتفاؤل

مصدر بصندوق الإمدادات الطبية بولاية النيل الأزرق -فضّل حجب اسمه- قال لـ (مدنية نيوز) إن الإمداد الدوائي بولاية النيل الأزرق أفضل من بقية الولايات، إلا أن بعض محليات الولاية مثل الكرمك وقيسان يصلها الدواء عبر الجيش أو وفد من وزارة الصحة، ونسبة لتوقف الطيران وظروف الخريف هنالك طلبية دواء جاهزة لمحلية الكرمك منذ يونيو الفائت ولم تصل بعد، إلا أن محلية التضامن وصلتها حصتها كاملة في فترة السيول التي ضربت المنطقة.

إلا أن مدير عام وزارة الصحة والتنمية الاجتماعية الوزير المكلف بالولاية يوسف أحمد محمد، ذكر في اتصال عبر الهاتف مع (مدنية نيوز) أن عوامل الخريف أعاقت وصول الدواء للمحليات، وأنه قبل أسبوع تمّ تحميل عربة إسعاف بالأدوية وتمّ تسييرها لمحلية قيسان، أما بالنسبة لمحلية الكرمك فإن الأدوية متوفرة لدى مدير الخدمات الصحية بالولاية عبر صندوق الإمدادات الطبية، وفي الغالب لم تتم تغطية كل الوحدات الإدارية مع العلم أنه بإمكانهم التوجه لأخذها من مدير الخدمات الصحية.

وأبان مدير عام وزارة الصحة بالنيل الأزرق أن قضية توفير الدواء مرتبطة بالصندوق القومي للإمدادات الطبية (الاتحادي)، وأن طلبيات الدواء للولاية لا تأتي بالكميات الكافية وذلك للشح الموجود على مستوى السودان، وتابع: (حتى الآن الموقف مطمئن للغاية ففي وحدة بوط الإدارية التابعة لمحلية التضامن والواقعة غرب الولاية، فإن الأدوية متوفرة بمستوى أفضل وهنالك رؤى جديدة للوزارة لوضع برنامج يمكننا من توصيل الدواء لكل المحليات والوحدات الإدارية).

ثورة دواء

الأمين العام للجمعية السودانية لحماية المستهلك، الطبيب الصيدلاني ياسر ميرغني، لفت في تصريح لـ (مدنية نيوز) أمس، إلى أن سكان الولايات يعانون من شح الأدوية وغيابها في بعض الأحيان، خصوصاً الأدوية المجانية وولاية النيل الأزرق ليس استثناء، وقال: (نتمنى أن يتم الانتباه للعلاج المجاني، وأن تكون إدارته الجديدة بقدر تطلعات الثورة وأحلام الشهداء، ونتمنى أن تنتهي معاناة الولاية خاصة وأن المدير العام الجديد لصندوق الإمدادات الطبية من الولاية وهو يعرف مشاكلها).

وأضاف قائلاً: (نحتاج لثورة حقيقية في قطاع الدواء والصحة بشكل عام والتي لا تزال تنتهج نفس نهج عقليات النظام المخلوع فيما يخص توفير الدواء وتسيير القطاع الصحي). وتابع أن العلاج المجاني لا بواكي له فهناك أدوية ومستهلكات مجانية مثل: (علاج أدوية الأطفال دون الخامسة، السرطانات، غسيل وزراعة الكلى، مشتقات أمراض الدم، الهيموفيليا، الملاريا، الإيدز والدرن) كلها توزع مجاناً لكن المستهلك في الولايات لا يشعر بها ولا يجدها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *