ستيلا قايتانو لـ(مدنية نيوز): ليس هناك ماهو أكثر تأثيراً في وعي المجتمعات كالحرب
حوار: آيات مبارك
تزامناً مع مراسم أعياد السلام أشرقت نجمة الصباح الكاتبة ستيلا قايتانو في ( أم الديار) في منطقة (الضعين) وألقت ببعض رحالها عند معسكرات النازحين بشرق دارفور، وشاركت في افتتاح قصر الشباب والمرأة والطفل (قصر الأمير سابقاً) الذي كان أحد (بيوت الأشباح) في عهد النظام المخلوع، إضافة إلى جامعة الضعين وبذات اللهيب الثوري ألقت ستيلا طرح التبلدية وحكمتها لنشارك في إنشاء مكتبات للاستلاف في تلك المناطق التي زارتها تحت شعار (أصنع فرقاً بكتاب) والكثير من الأنشطة التي قامت بها من هناك، لذلك ألقت عليها ( مدنية نيوز) بعض الأسئلة حول السلام المجتمعي وتعزيز ثقافته وما غلى ذلك من قضايا.
ماهي تفاصيل طبيعة الرحلة؟
تقوم على مقدرة إمكانية الثقافة ولعبها أدوراً ملموسة تحت ظل الظروف المعقدة التي يمر بها السودان على كافة الأصعدة، لاسيما فيما يخص قضايا بناء السلام والتعايش السلمي بين المجتمعات. وكانت الدعوة من أجسام ثقافية ثقافية تتبنى هذه الرؤية وتضعها في الاعتبار وتؤمن أن الثقافة والفنون باستطاعتهما أن يساهما بشكل فعال في امتصاص حالة التوتر.
ماذا عن الجهات الداعية؟
أولى الدعوات كانت من منتدى قناديل الثقافي قدمت من خلالها ندوة بعنوان (دور الثقافة والفنون في إرساء قيم السلام) وبمبادرة مني قدمت ورشة عن الكتابة الإبداعية لخدمة السياق الكلي للموضوع. وأيضا من الترتيبات التي كانت محور اهتمامي هي زيارة الأهل في المعسكرات بشكل اجتماعي بحت، وتمت الأنشطة في كل من الضعين ونيالا، وكان هذا مواصلة لرحلة قمت بها إلى الفاشر في أكتوبر من خلال دعوة من شباب راكوبة السلام، للتحدث مع القواعد لتحفيزهم على المساهمة في بناء السلام وحمايته.
هل وجدتي سلاما؟
للسلام معانٍ وتعريفاتٍ كثيرةٍ، منها وقف إطلاق النار وهذا ما لمسته في المناطق التي زرتها. ويعني أيضاً إحساس الأمان والاستقرار وهذا ما لمسته في حياة الناس وأنشطتهم اليومية، خاصة النساء اللائي أثناء مرورنا عبر الطرقات وأثناء رحلتي بين المدن وجدتهن متجولات في أنشطة الزراعة والرعي وجلب الماء، وهن يقطعن مسافات بعيدة لوحدهن ولم أشعر بهن خائفات. لكني لم ألمس السلام و التنمية في بعض القرى والمدن أيضاً، حيث تعاني المدن من انقطاع الكهرباء لأيام وتعاني القرى انعدام الخدمات لدرجة أنه في بعض القرى لا يزال الأهالي يعملون على حفر الأودية بحثاً عن الماء.
في رأيك كيف يتحقق السلام؟
في ظني أن السلام يحتاج لوقت طويل وجهود جبارة وإرادة حقيقية حتى تكتمل معانيه ومقاصده.
ماهي ملاحظاتك من خلال زيارات معسكرات النازحين وإمكانية تطبيق السلام من خلال الثقافة؟
هناك انقسام للنازحين حسب قادتهم، منهم يساند ويدعم السلام الجزئي الذي تم، ومنهم من ينتظر بقية القادة، لكن عموماً المعسكرات نفسها تختلف من خلال التكوين الاجتماعي وتبني أفكار ورؤى من اختاروا من القادة، ولكن هناك اتفاق أن الكل في انتظار سلام يرضي الجميع.
في خضم كل ذلك ماهو الحل؟
لابد من التفكير جيداً وبحكمة في مسائل الإنسان والأرض والانتماء، عبر تبني فكرة العودة الطوعية وتعمير قرى بمواصفات المدن من أجل ضمان العودة الكريمة، وأيضاً ترك الباب موارباً لمن شعر أنه أصبح منتمياً إلى مكان جديد والنظر في كيف يمكن توطين هؤلاء، هذه الأمور أكثر تعقيداً من تصوري حتى واعتبر هذا عصفاً ذهنياً ليس إلّا.
قيمي درجة الاستقبال لك ككاتبة من قبل المجتمعات المحلية مصطحبة معك أن هنالك نسبة عالية من الأمية والفقر والنزوح؟
إن أكثر ما يميز الثقافة أنها تجمع الناس بتلقائية وتلغي الاختلافات بسهولة، ويمكن استخدام هذه الميزة واستثمارها في إنزال كثير من القضايا إلى القواعد وبسهولة إذا تمتعنا بذكاء اجتماعي بسيط، إذ يجب أن نعرف ميول وطموحات وأفكار المجتمعات التي نخاطبها والبعد عن الأمور التي تستفزهم إلى حين، بمعنى يجب أن نركز فيما يجمع الناس تحت مظلة إنسانية أوسع من الانتماءات المختلفة.
أما عن درجة الاستقبال، حقيقة لم أتوقع استقبالاً وقبولاً هكذا، واعتبر هذا نعمة من الله. لقد دخلت بيوت ومعسكرات وقلوب الناس بتلقائية، وسمعت منهم وسمعوا مني وتحاورنا بشكل سلس وبمحبة واحترام كبيرين، بل وجدت عدداً كبيراً منهم يقرأ لي، أظن هذا ما سهل الأمر، تلك المعرفة المسبقة لي ولأفكاري والقضايا التي أناصرها. وأشكر الجميع على حسن الاستقبال والكرم.
وماذا عن النزوح والحرب؟
أكيد هناك نسبة كبيرة من النزوح والفقر، ولكن هذا لا يمنع أن هناك وعي كبير جداً من الناس بوضعهم ونظرتهم للحلول، ليس هناك ماهو أكثر تأثيراً في وعي ونضج المجتمعات كالحرب.
الساسة هم صانعو السلام باعتبارهم المفاوضون، لماذا لم تتم دعوة أحد منهم ؟
هنالك اختلاف حولهم من قبل المجتمعات، لذلك على الساسة في نفسهم الحذر لأن الأمر قد يأتي بنتائج سلبية قد تؤدي إلى التفريق بدلاً عن الجمع والالتئام، لكن الثقافة تجمع الناس مهما كانت درجة اختلافهم فهم ليست لديهم مشكلة مع الكتابات والأغنيات والمسرح واللوحات التي تلامس قضاياهم بصورة شفافة.
ماذا تقولين عن تجربة تحويل أحد (بيوت الأشباح) إلى قصر للثقافة ؟
لقد اقشعر لها بدني صراحة، واعتبر هذا انتصاراً حقيقياً على القهر وانتهاك الحقوق، وأيضاً انتصاراً للضحايا بتحويل ذاكرة دموية مليئة بالقبح إلى مكان مضيء يبتهج ويتعلم فيه الجميع. وهذا يعد انتصاراً حقيقياً.