في الذكرى الثانية للثورة.. وقف الحرب وتحقيق السلام الشامل
الخرطوم: زحل الطيب
مع الذكرى الثانية لثورة ديسمبر المجيدة، التي شكل (السلام) أحد أبرز مطالبها، ووضعته حكومة الفترة الانتقالية في قمة أولوياتها، تظل الآمال معقودة على تحقيق السلام الشامل، ومع توقيع الحكومة وحركات الكفاح المسلح اتفاقية سلام السودان بعاصمة جمهورية جنوب السودان جوبا في (3) أكتوبر الماضي، تبقى الخطوات المنتظرة في انضمام الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، لعملية السلام والمشاركة في إنجاح الفترة الانتقالية والبناء الديمقراطي المرجو.
وبتوقيع اتفاقية سلام السودان في جوبا وعودة حاملي السلاح من الحركات المسلحة وإصدار العفو العام لحاملي السلاح، اعتبر محللون سياسيون ما تم بمثابة خطوات في طريق السلام العام بتوقيع اتفاق سلام يساهم في وقف الحرب التي تسببت في تدمير البنى التحتية وتشريد المواطنين نزوحاً ولجوءاً، وعانى خلالها المواطنون في جنوب كردفان ودارفور والنيل الأزرق وتضرر منها السودانيون جميعاً.
ويشير مراقبون إلى أن الحرب خلفت آثاراً اجتماعية وسياسية واقتصادية كبيرة، ورأوا أن ما تحقق من سلام يمثل تطوراً إيجابياً في سبيل استكمال التغيير المطلوب، وفيه رسالة تعكس الرغبة الحقيقية للحكومة لإرساء السلام والتحول الديمقراطي وتحقيق دولة العدالة والقانون، وأن السلطة الانتقالية بدت أكثر حرصاً لاستكمال مسيرة السلام بعد إقرار رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، العفو العام عن حملة السلاح، وتعد تلك الخطوة في نظر محللين للشأن السياسي رغبة حقيقية من الدولة في الاستقرار السياسي، والمساهمة في تقدم خطوات التغيير نحو بناء دولة مدنية حديثة.
التزام بالتنفيذ
ورأى بروفيسور سليمان الدبيلو، في إفادة لـ (مدنية نيوز) أمس الأول، أن ما أسفر عنه اتفاق السلام بعودة الحركات الموقعة على اتفاقية السلام يعتبر مسعى حقيقياً نحو تنفيذ حكومة الفترة الانتقالية لمطلب السلام واستكمال مشروعه، خاصة بعد تحقيق بند في الاتفاقية وهو إعلان العفو العام عن كل من حمل السلاح، واعتبر أن ذلك يدل على المصداقية في تنزيل الاتفاقية على الأرض، على أساس الاعتراف بأن الحركات الموقعة تعتبر حركات رئيسية ولها مطالب مشروعة تستحق.
وأثنى الدبيلو، على خطوة الاحتفاء الرسمي بتوقيع اتفاقية السلام وإعداد الحكومة له بتهيئة الدولة والجماهير لإنهاء حرب عانى فيها السودانيون الأمرين وبذلوا فيها الكثير من الأرواح وكانت نتيجتها الفرقة والشتات، ورأى أن تهيئة الدولة لاستقبال العائدين من الحركات المسلحة وتحديد يوم للعطلة الرسمية لاستقبالهم يعتبر لحظات تاريخية – في إشارة للعطلة الرسمية التي أعلنتها الحكومة يوم الأحد 15 نوفمبر الماضي، بمناسبة احتفالات الدولة باستقبال قادة الأطراف الموقعة على اتفاق السلام وضيوف السودان في تلك المناسبة-.
كما اعتبر الدبيلو، أن إصدار العفو العام في حق كل من حمل السلاح، خطوة في الاتجاه الصحيح لإرساء دولة السلام، باعتبار أن تحقيق السلام يمثل أحد مطالب الشعب في التغيير ووقف الحرب، وقال: أما بقية الحركات التي لم توقع فلها رؤيتها الخاصة وبعد الاتفاق حولها سيكتمل السلام العام.
إشارات موجبة
ومن جانبه ذكر المحلل السياسي د. أحمد المفتي، أن ما تحقق بعودة قيادات الحركات المسلحة بعد التوقيع على اتفاق السلام وإصدار العفو العام عن حاملي السلاح يعد مصداقية من الحكومة لاستكمال مسيرة التغيير التي ظل الشعب ينشدها وفجر من أجلها ثورة شغلت العالم أجمع بالمبادئ التي أرستها، وقدمت في سبيل غاياتها الأرواح التي كانت مهراً لوقف الحرب وإسقاط نظام استرخص نفوس مواطنيه من أجل السلطة.
وأوضح المفتي، أن عودة الحركات المسلحة هو انتصار لمطالب أهل السودان خلال الثورة (الحرية والسلام والعدالة)، بعد صدور قرار العفو الذي يظهر بجلاء الالتزام التام والنية الصادقة في تحقيق السلام والالتزام بتواقيت الاتفاقية بالمضي في بنودها بجداول مرتبة.
وذكر المفتي، أن ذلك الالتزام يتضمن إشارات موجبة لبقية الأطراف التي لم تلحق بركب السلام من الحركات المسلحة (الحركة الشعبية وحركة تحرير السودان) بجدية الحكومة في استكمال مطلوبات السلام على أرض الواقع، للمضي في طريق التحول الديمقراطي والدولة المدنية والاستقرار السياسي والمشاركة في السلطة بعدالة لإنهاء التهميش في وطن يسع الجميع، وشدد على أن الفرحة لن تكتمل دون انضمام بقية المكونات التي لم تلحق بعملية السلام.