السبت, أبريل 20, 2024
تحقيقاترياضة

غياب الجمهور من الملاعب.. تأثر رسائل السلام والمحبة وإطلاق بدائل للتفاعل

قضية تطرحها: هيام تاج السر

توقف النشاط الرياضي في السودان ما يقارب (5) أشهر، وذلك عقب إعلان وزارة الشباب والرياضة السودانية منتصف مارس الماضي إيقاف جميع المنافسات الرياضية بما فيها مسابقات كرة القدم بسبب (فايروس كورونا)، وقد سبقت دول كثيرة السودان، الذي تم استئناف النشاط الرياضي فيه منتصف سبتمبر المنصرم.

ورغم استئناف النشاط الرياضي، إلا أنه كان منقوصاً وفقدت (المدرجات) بريقها نتيجة منع الجمهور عن حضور المنافسات، وقد أجمع الرياضيون بمختلف مكوناتهم على أن الجمهور (ملح الرياضة)، وأنه بحضور الجماهير يمكن إطلاق رسائل السلام والمحبة والتعايش باعتبار أن الرياضة في أساسها جسر للتواصل بين مكونات المجتمع المختلفة.

والجمهور مهم في جميع الألعاب ويختلف التشجيع من لعبة لأخرى، وعلى الرغم من أن بعض الألعاب مثل الشطرنج والبلياردو والتنس تحتاج الهدوء، إلا أن هناك أوقاتاً للتشجيع، كما أن هناك ألعاباً تحتاج للهدوء عند انطلاقتها مثل ألعاب القوى، إلا أنها الأكثر حوجة للجمهور لأن الحسم في كسر من الثانية، وكذلك المصارعة والملاكمة، أما الألعاب الجماعية مثل الكرة الطائرة والسلة وكرة القدم الأكثر شعبية فإنها تفقد طعمها دون الجمهور وفقاً لرؤية الرياضيين.

طعام بلا ملح

قال الحكم الدولي في كرة القدم محمد عبدالله نيالا، لـ (مدنية نيوز) أمس الأول، (اللعب دون جمهور مثل الأكل دون ملح، والجمهور ملح كرة القدم وهي مملة بدون جمهور والحكم يستطيع أن يخرج كل ما عنده عندما يكون الجمهور موجوداً).

وأضاف (الجمهور يرفع المعنويات ويعطي دافعاً للحكم)، ومثل لذلك بأن الملعب الذي به (70) ألف متفرج يعطي الحماس، وتابع: (المباراة دون جمهور تبدو بطيئة وتعطيك إحساساً بأن الشوط الواحد 3 ساعات)، وأبان أن الحكم لا يختلف عن اللاعب في الحوجة للمشجع.

ورداً على سؤال (مدنية نيوز) المتعلق بالضغوط التي يمارسها الجمهور على الحكام، أجاب نيالا، بأنها تزيد الحكام حماساً وتعلي من أدائهم، (لدرجة تجعل من يقف ضدك يشجعك)، وأشار إلى أنه تمنى إقامة مباراة القمة السودانية المريخ والهلال التي جرت السبت الماضي بحضور الجمهور لتأثير التفاعل الجماهيري على أداء الجميع داخل الميدان، ورأى أن المباريات دون ذلك التفاعل لا طعم لها ولا رائحة.

تأثير على اللاعبين والنتائج

ومن جانبه قال لاعب هلال الأبيض مازن محمدين، إن غياب الجمهور أثر معهم كثيراً، خاصة أن هلال الأبيض نادٍ جماهيري، وهو نادي يمثل ولاية شمال كردفان.

وأوضح مازن، أن جمهور الأبيض يشكل حافزاً وعاملاً إيجابياً لهم، وأشار إلى أن غياب الجمهور أضر بهم وأثر على نتائج المباريات، وأضاف: (قبل التوقف بسبب “كورونا” أدينا 11 مباراة فزنا في 9 منها وتعادلنا في مباراتين، وبعد منع الجمهور أدينا 8 مباريات فزنا في مباراتين وتعادلنا في 4 مباريات وخسرنا مباراتين.

وواصل مازن بأن الجمهور حتى في حالة إقامة المباريات خارج الولاية يشكل حافزاً لهم، وأنهم في الخرطوم يجدون مساندة من جمهور القمة (المريخ، الهلال) حسب الخصم منهما، وتابع أن هناك أندية في ولايات يتشجع لاعبوها بوقفة جمهور تلك الأندية الذي يشجع بحماس وتفاعل كبيرين، مثل لهم بجماهير مدن (عطبرة والفاشر).

ومن جهته أكد مهاجم الهلال العاصمي موفق صديق، أن غياب الجمهور خلال مباريات الدوري الممتاز الأخيرة، والذي فرضته الظروف الصحية تحاشياً لجائحة (كورونا)، كان له تأثير كبير على أدائهم كلاعبين لأنهم اعتادوا على هتافات جماهير الهلال القوية التي تمنحهم الحماس الطاغي وتزيد من عزيمتهم.

وقال موفق: (الوضع لم يكن طبيعياً فترة اللعب خلف الأبواب المغلقة وبدون الجماهير، وقد افتقدنا صيحات وأهازيج المناصرين لنا، لأنها عادة ما تساهم في جعلنا نلعب بقوة من أجل تحقيق الانتصارات)، وتمنى في ختام حديثه أن تعود الأمور لطبيعتها ويعود الجمهور لتشجيعهم ومؤازرتهم خلال الموسم الجديد.

صورة ناقصة

وفي السياق أوضح لاعب الهلال العاصمي والمنتخب الوطني الأول السموأل ميرغني، أن شعورهم بدأ غريباً لغياب الجمهور، بعد العودة لمواصلة النشاط الكروي، وذكر: (تأكّد لنا هذا عند تسجيلنا هدفاً لصالح فريقنا حيث لم نسمع الاحتفالات الحقيقية للمُشجّعين وتصفيقهم لنا).

وأشار السموأل، إلى أن الجمهور يرفع من منسوب الحماسة ويُحفِّز اللاعبين لتقديم أفضل المستويات، وأنه من غير وجوده تبقى الصورة غير مكتملة لدى اللاعبين، باعتبار أن الجمهور هو بهجة الملاعِب، وأضاف: (يُقال دائماً إن الجمهور هو اللاعب رقم 12 في كرة القدم، من حيث تأثيره في انتصارات الفريق، لكن في زمن “كورونا” والمُدرّجات الفارِغة ثبُت أن الجمهور هو “اللاعب رقم واحد”).

ولفت السموأل، إلى أن الجميع يعرفون أنه في كثير من الأحيان يمكن أن يكون للجمهور دور بارز في حسم الفوز في بعض المباريات، وتابع: (كنا نحتاج لتشجيعهم في كثير من المباريات، خاصة التي لم نظهر خلالها بالمستوى المطلوب)، وختم السموأل ميرغني بالقول: (نأمل أن تنقشع الجائحة وتعود الحياة لطبيعتها ويعود الجمهور لتشجيعنا في الموسم المقبل، فنحن في حاجة ماسة لمساندتهم).

حضور التمارين

ومن ناحيته قال البطل السوداني العالمي في ألعاب القوى أبوبكر (كاكي) صاحب فضية العالم في سباق (800) متر بديغو بكوريا الجنوبية عام 2011م إن ألعاب القوى تحتاج حماساً وجمهوراً، وأنها من غير جمهور لا طعم لها، ووصف لحظات الفوز بدون جمهور بأنها بلا فرحة، وأضاف: (التمرين يحتاج لجمهور يشجع ويحمس)، ورأى أن ألعاب القوى لا يمكن أن تكون بدون جمهور، و(لم يطلق عليها أم الألعاب جزافاً).

ونجد أن هناك إجماعاً وسط الرياضيين في العالم على أن الجمهور في المدرجات يمثل جزءاً من المشهد الرياضي، خاصة لمحبي كرة القدم حيث يطلق على الجمهور اللاعب رقم (12)، وأن انفعالات الجمهور وصيحاته جزءاً من اللعبة، وذهب خبراء اللعبة أكثر من ذلك، وقالوا إن صوت الجمهور وهتافاته بمثابة موسيقى لفيلم المباراة.

تفاعل على الهواء

وقبل سنوات طرح نادي (ما نشستر يونايتد) تطبيقاً يسمح لجماهيره في آسيا وأفريقيا بالتفاعل على الهواء مباشرة مع مباريات الفريق في الدوري الإنجليزي، بينما كل مشجع يجلس في منزله بدولته وقارته.

وحالياً يطرح بألمانيا اقتراح يسمح بإقامة المباريات بدون جمهور، وفي الوقت نفسه يستخدم المشجعون تطبيقاً ينقل انفعالاتهم إلى اللاعبين في الملعب عبر التطبيق من خلال الهواتف المحمولة، وكلما زاد عدد المشجعين المشاركين في الهتاف كان صوت الهتاف عالياً في (الاستاد) عبر مكبرات الصوت.

ومن الواضح أن قضية حضور الجمهور مهمة بالنسبة للأندية على الصعيد الاقتصادي، لكن بالنسبة لملايين المشجعين خاصة في (أوروبا) فإن مباراة بدون جمهور تساوي مذاق الطعام المجمد قبل تذويبه.

رفض العنصرية

وبغياب الجماهير يقل تأثير رسائل المحبة التي يمكن إطلاقها من المدرجات وتساهم في تقريب المشجعين إنسانياً، حيث يؤثر الجمهور على اللاعبين، كما يؤثر اللاعبون على الجمهور بإرسال رسائل تدعم التفاعل الإنساني وتنتقد الانتهاكات مثلما حدث في مباراة بايرن ميونيخ وهوفنهايم، التي اضطر فيها لاعبو بايرن ميونخ لتبادل الكرة في وسط الملعب مع منافسيهم من دون أن يحاول أي منهم مهاجمة مرمى الآخر.

وحسب ما اهتمت وسائل إعلام في مارس الماضي، فقد كان حكم المباراة قد قرر وقف المباراة قبل نهايتها بـ (11) دقيقة تقريباً، بسبب هجوم جماهير بايرن ميونخ، التي رفعت لافتات وصفت بـ (العنصرية)، والتي تضمنت سباب إلى مالك نادي هوفنهايم، ديمتار هوب.

ورغم تدخل لاعبي بايرن ميونيخ والإدارة الفنية للفريق، لمطالبة الجمهور بإيقاف الصيحات واللافتات، لكن الهتافات تجددت مرة أخرى في الدقيقة (78) من زمن اللقاء.

وبدأ بعدها لاعبو بايرن ميونيخ وهوفنهايم في تبادل الكرة في منتصف الملعب، في رسالة (رفض) لهتافات الجماهير، ورغم ذلك استمرت الهتافات، حتى اضطر الحكم لطلب خروج الفريقين من أرض الملعب وأنهى المباراة قبل نهاية وقتها الأصلي بـ (11) دقيقة تقريباً وفقاً لـ (وكالة أسبوتنيك).

وفي السودان اعتادت الجماهير على ترديد هتافات تعلي من القيم الإنسانية، ورفع شعارات السلام والمحبة والتآخي باعتبار أن الرياضة جسر للسلام والتواصل الإنساني الرفيع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *