السبت, أبريل 20, 2024
تقارير

مستقبل الانتقال الديمقراطي بين خروج الشيوعي وهيمنة العسكر

الخرطوم: سيد أحمد إبراهيم

أشعل الحزب الشيوعي، الساحة السياسية بعد إعلان خروجه من التحالف الحاكم (قوى إعلان الحرية والتغيير)، واتهامه لتلك القوى بتضليل الجماهير والتلاعب عليها، وقال إن عناصر من الحرية والتغيير تعقد الاتفاقات السرية والمشبوهة داخل وخارج البلاد وتقود التحالف نحو الانقلاب على الثورة والموافقة على السياسات المخالفة للمواثيق والإعلانات المتفق عليها، والارتهان للمكون العسكري وسيطرته على مفاصل الدولة.

وتأسس تحالف الحرية والتغيير في ديسمبر من العام 2018م بعد انطلاق الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس المخلوع عمر البشير، ويقوم التحالف السياسي الذي يضم طيفاً واسعاً من القوى المدنية والسياسية، على ميثاق إعلان الحرية والتغيير الذي جاء تطويراً لمواثيق سابقة تم الاتفاق عليها بين قوى المعارضة.

إرشيف مواقف

ومنذ سقوط رأس النظام السابق، كان للحزب الشيوعي آراءً مخالفة لخطوات التحالف والطرق التي يسير فيها، حيث كان يعلن ذلك عبر بياناته وندواته الجماهيرية والمؤتمرات الصحفية، الأمر الذي قاد بعض مكونات التحالف للهجوم على الحزب ووصفه بأنه متعنت ويعمل على عرقلة مسير الثورة.

وقال الحزب في بيانه الذي أعلن فيه الانسحاب إن مكونات الحرية والتغيير تتآمر على توصيات اللجنة الاقتصادية للتحالف، وتقف مع سياسات الحكومة الداعمة لتحرير السلع الأساسية ورفع الدعم واعتماد توصيات صندوق النقد الدولي، وذكر أن ذلك أدى لتدهور معيشة المواطنين وارتفاع معدلات التضخم مع استمرار البطالة وسط الشباب وتدهور أحوال النازحين.

وأضاف أن الاتفاقات التي تمت بين التحالف واللجنة الأمنية لنظام البشير، تم تجاهل رأي الحزب الرافض لها وصولاً إلى عقد اتفاقات بين بعض مكونات التحالف وعسكر اللجنة الأمنية والتحالفات التي تتم في الخفاء.

ردود أفعال

وأثار بيان الحزب الشيوعي، تفاعلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، وانقسمت الآراء بين مؤيد للخطوة ويرى أنها جاءت متأخرة نسبة لمفارقة مسير الحرية والتغيير لخط الحزب الشيوعي، وبين رافض للخطوة ويرى أنها تنصل من الحزب عن مسؤولياته تجاه الحاضنة السياسية التي شارك في تكوينها والحكومة التي ساهم في تشكيلها عن طريق تحالف قوى الإجماع الوطني.

ويستند أغلب المدافعين عن خطوة الحزب، على أن الوضع الحالي لا يشبه آمال الثوار وأن الحاضنة السياسية انحرفت عن مسارها، وذلك عن طريق سيطرة المكون العسكري في الحكومة على مفاصل الدولة، ويرون أنه معرقل أساسي لمطالب الثورة باعتباره مستفيداً من الوضع القائم ويعمل على تعقيده، إضافة إلى الأزمات الاقتصادية المتزايدة والتي ترهق كاهل المواطن السوداني.

عسكرة الدولة

وتزامن خروج الحزب الشيوعي من التحالف الحاكم والمبررات التي أبداها، مع حديث لعضو مجلس السيادة الفريق شمس الدين كباشي، في حوار مع صحيفة (اليوم التالي)، الذي هاجم فيه المكون المدني، واتهم رئيس الوزراء بالخروج على مؤسسات الدولة، وقال إن الاتفاق على فصل الدين عن الدولة قرار مؤسسات الدولة، ووصف اتفاق (حمدوك – الحلو) بأنه عطاء من لا يملك لمن لا يستحق.

وأثار حديث كباشي، موجة غضب في مواقع التواصل الإجتماعي، وأشار ناشطون إلى عملية فرض التطبيع التي تمت بانفراد رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في عنتيبي بيوغندا قبل أشهر.

سيناريوهات

وبخروج الحزب الشيوعي من التحالف الحاكم، تتعدد السيناريوهات فيما يخص دعم الحكومة الانتقالية واستمرارها في إنجاز مهامها الانتقالية، تمهيداً لقيام حكم ديمقراطي وفقاً لما أقرته جميع المواثيق السابقة، بما فيها ميثاق إعلان الحرية والتغيير، وتنقسم أيضاً المقاييس لاحقاً في تشكيل المجلس التشريعي الذي سيخرج من قائمته الحزب الشيوعي، الأمر الذي يتسق مع تقليص نسبة مشاركة قوى الحرية والتغيير من (67%) إلى (55%)، لصالح مكونات الجبهة الثورية المنضمة للتحالف الحاكم.

جدوى الخطوة

وترى المحللة السياسية وأستاذة العلاقات الدولية تماضر الطيب، أن خطوة خروج الحزب الشيوعي من التحالف غير مجدية في الوقت الراهن، وقالت لـ(مدنية نيوز) أمس، إن الأجدى كان بقاء الحزب في التحالف والصراع من الداخل للضغط من أجل رؤاه وأفكاره، وتساءلت عن الحلول التي يقدمها الشيوعي بخروجه من التحالف.

شلل تأريخي

وأرجعت تماضر، الهيمنة العسكرية على مفاصل الدولة للعقلية العسكرية التأريخية التي حكمت السودان لفترات أطول من الحكم المدني الديمقراطي، وقطعت أن تلك الهيمنة مرفوضة من جيل الشباب الذي أشعل ثورة ديسمبر المجيدة، وأن كل مطالبهم تنصب في مجرى الدولة المدنية الصرفة دون شراكة عسكرية.

التحول الديمقراطي

وبخصوص الاتهامات التي وجهها الحزب للتحالف، توافق تماضر على فكرة وجود بعض الدول التي تحارب التحول الديمقراطي في السودان نسبة للانعكاسات عليها والتي لا ترغب فيها، واشارت إلى سعيها للمحافظة على الوضع القائم الآن نسبة لمصالحها واستثماراتها في البلاد، وقالت: ( بعض العناصر في تحالف الحرية والتغيير لديها علاقات معروفة مع دولتي الإمارات والسعودية ويظهر جلياً دور تلك الدولتين في الواقع السياسي الراهن).

إنقلاب على الثورة

وفي السياق قالت الناطقة الرسمية المكلفة باسم الحزب الشيوعي، آمال الزين لـ(مدنية نيوز)، إن التحالف القائم الآن ليس التحالف الذي تم تشكيله على أساس إعلان الحرية والتغيير، وإن التحالف القائم هو كتل مجيرة بالكامل لمصلحة الهبوط الناعم، وأضافت: (إن الانحراف الذي حدث يمثل انقلاباً على الثورة ويسعى لإجهاض مطالبها).

تحالفات جديدة

وتابعت الناطقة الرسمية المكلفة باسم الحزب الشيوعي أن الحزب بخروجه من التحالف سيسعى لعمل تحالف واسع مع قوى الثورة الحية المؤمنة بالتغيير الجذري من (لجان مقاومة ونقابات مهنية وعمالية) لضمان إيصال صوت الشارع، وأشارت إلى أنهم على استعداد للتحالف مع أية قوى ثورية تتفق معهم في الأهداف ومبتعدة عن سياسة الأحلاف والمحاور الإقليمية، ولم تستبعد إنشاء الحزب لتحالفات سياسية واعية بقضايا ومهام المرحلة مع كل القوى الراغبة في ذلك.

وأكدت الناطقة الرسمية المكلفة باسم الشيوعي، إدراك الحزب تماماً لواقع المرحلة، وأن أي يتحالف يتم إنشاؤه يمكن أن يصنف كتحالف معارضة، وشددت على عدم حرصهم على الحكومة الانتقالية التي تنكرت للثورة (حسب قولها)، وأوضحت أن الحزب في الفترة القادمة سيعمل بشكل مباشر على إسقاط الهبوط الناعم.

السلام والعسكرة

وأشارت آمال الزين، إلى أن الاتهامات التي وجهها الحزب للحرية والتغيير بعقد اتفاقات سرية مشبوهة مع الإمارات والسعودية ومصر، معلومة لدى كل السودانيين ولم تعد سراً، وماتم من اجتماعات بين أفراد وجماعات، وزادت: (الشعب السوداني تداول أخبار الاجتماع الذي تم في منزل أحد رجال الرأسمالية السودانية المعروفين ولا يحتاج ذلك لإشارة من الحزب).
ونبهت الناطقة الرسمية المكلفة، إلى أن هيمنة المكون العسكري على الحكومة ليست من فراغ، وأن المكون المدني راضٍ ومتماهٍ مع ذلك، ولفتت إلى أن اتفاقية السلام الجديدة ذكرت أن الفترة الانتقالية تستمر (39) شهراً تبدأ من تأريخ الاتفاق، الأمر الذي فسرته بمزيد من الهيمنة العسكرية واستمرار فترة حكم العسكر في الفترة الانتقالية، واعتبرت ذلك خطراً على الثورة باعتبار أن المكون العسكري يمثل اللجنة الأمنية لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير ولديها التزامات مع بعض الأحلاف الإقليمية.

ردة عن الحريات

ونوهت آمال، إلى أن استمرار الحكومة في النهج الحالي يعتبر ردة على الثورة، ومثلت لذلك بالهجمة التي وصفتها بالعنيفة على الحقوق والحريات، واشارت إلى فض اعتصام سلمي بالولاية الشمالية قبل أيام، وقالت: (أهم الأهداف التي قامت من أجلها ثورة ديسمبر هي الحقوق والحريات، وأي تقييد لها يمثل إعاقة لطريق التحول الديمقراطي في السودان، وتعطيلاً للدولة المدنية، وسنعمل في الحزب على مقاومة ذلك ولا نستبعد هجمة كبيرة علينا ولكننا تعودنا على دفع تكلفة المواقف الصحيحة).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *