الدستور الدائم في السودان.. ورش حول الصناعة وأساس المشاركة الديمقراطية
الخرطوم: أم سلمة العشا
تتطلب صناعة دستور دائم لجمهورية السودان التركيز على مبادئ أساسية بمشاركة جماهيرية وشعبية، وفتح باب التشاور بشفافية، ومن ثم التوافق الوطني لكل المكونات وشرائح المجتمع. ونظم المركز الإقليمي لتدريب وتنمية المجتمع المدني والمبادرة السودانية لصناعة الدستور بالشراكة مع نقابة المحامين الأمريكية، ورش عمل حول مشروع دعم الشعب السوداني لصياغة دستور جديد يكون بمثابة عقد اجتماعي لسودان سلمي ديمقراطي.
وأكد المدير التنفيذي للمركز الإقليمي لتدريب وتنمية المجتمع المدني، إسماعيل التاج، خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية للورشة بمقر المركز بالخرطوم أمس، ضرورة وضع دستور يعبر عن الشعب السوداني وتطلعاته وأحلامه.
قيم دستورية
وقال المدير التنفيذي للمركز، إن التجارب التي مرت على السودان كانت شمولية ومريرة ولم تصنع دستوراً دائماً للبلاد، وأوضح أن تنزيل الدستور للقواعد لا يعني مشاركتهم جميعاً في كتابته، لكن بتمليكهم المعلومات والمحتوى لفهمه واستيعابه ليعبر عن التعدد والتنوع الذي يزخر به شعب السوداني.
وأضاف: “ليس ثمة قالب واحد يصب فيه الدستور، لجهة أن هناك دول ليس لديها دستور مثل بريطانيا، لكنها تمتلك ممارسات ومبادئ وقيم دستورية تصب في خانة احترام حقوق الإنسان وتوجهها لتمثيل كل الشعب في القرارات”.
وتابع التاج، أن المبادرة السودانية لصناعة الدستور تراكمت عندها التجارب والزخم منذ إنشائها في 2011م، مع اختلاف الوضع حالياً، ولفت إلى دخولها في شراكة تامة مع نقابة المحامين الأمريكية والاستفادة من تجارب الدول المختلفة لصناعة الدستور.
تشاور وشفافية
ومن جانبها أكدت مديرة مكتب نقابة المحامين الأمريكية، ولاء صلاح، ضرورة صناعة دستور مبني على مبادئ أساسية بمشاركة جماهيرية وشعبية، وفتح باب التشاور بشفافية قبل كتابته لأن مرحلة الصناعة تسبق الكتابة.
ومن ناحيتها قالت منسقة مشروع الورشة بالمركز الإقليمي، مها معتصم، إنهم يستهدفون النساء والشباب بالأقاليم لضمان المشاركة الواسعة والفعالة، وأوضحت أن الورشة تهدف لتوسيع دائرة التفاكر والمشاركة مع كل الأطراف والشركاء من ممثلي منظمات المجتمع المدني وممثلي حركات الكفاح المسلح، وذلك من أجل المساهمة في صناعة الدستور القادم للبلاد وصولاً لسودان سلمي وديمقراطي، وأشارت إلى أن المشروع يشمل جميع ولايات السودان لإشراك أهل المصلحة في صناعة الدستور.
لجان ومفوضيات
وفي السياق، دعا الخبير في مجال حقوق الإنسان عوض الكريم فضل المولى، إلى حركة منظمة من المراكز البحثية والجامعات والناشطين في مجال البحوث للمبادرة بالعمل على صناعة الدستور وليس محتواه، وذلك عبر تثقيف المواطنين بالعملية الإجرائية لصناعة الدستور والأدوات التدريبية عبر الكتب والإصدارات، مع حث الدولة على تثقيف المواطنين، وإنشاء اللجان والمفوضيات.
ووضعت المبادرة السودانية لصناعة الدستور موجهات لصناعة الدستور بغرض التأكيد على أن عملية مناقشة وصياغة مسودة الدستور الجديد تستند على مبادئ شملت (الملكية القومية، الحوار والتفاوض والمصالحة بين جميع أهل السودان والشمول، وهي صناعة عملية الدستور الشامل والتي تعكس التنوع الذي يتمتع به السودان، وأن يكون لممثلي كافة مكونات المجتمع أينما كانوا مقعداً حول المائدة، بما يكفل مشاركتهم جميعاً في التفاوض بشأن الوثيقة وصياغتها).
ونبه رئيس المبادرة د. عبد المتعال قريشاب، إلى أن صناعة دستور دائم للسودان تمثل مسألة قومية تقتضي مشاركة كل قطاعات الشعب السوداني بالقدر الذي يعكس مبدأ سيادة حكم الشعب، وشدد على أنه لا يمكن صناعة دستور دائم في أجواء يشوبها الاقتتال الداخلي، وقال: (لا بد من مضاعفة الجهود لتحقيق السلام في السودان عبر التفاوض).
وأوضح رئيس المبادرة أن صياغة مسودة الدستور الجديد تستند على مبادئ عامة، وتعهد بالترويج لتبنيها من بينها الإجماع والملكية القومية والمشاركة العامة والشفافية والإجماع، وذكر أن صناعة الدستور على نحو ديمقراطي حر يتطلب إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات.
مراحل تحضيرية
وأشار عبد المتعال، إلى مراحل عملية صناعة الدستور منها المرحلة التحضيرية لإعداده والتي في سبيلها يجب على السودانيين أن يتوافقوا على غايات ومبادئ ومراحل ومؤسسات ومهام عملية صناعة الدستور، (طبقاً لحديثه)، وأضاف: “من المراحل أيضاً تكوين مفوضية الدستور وهيئة للتوعية والتثقيف المدني بالدستور، وتضم الهيئة القومية للحوار الدستوري، وأن تجاز مسودة الدستور بواسطة جمعية تأسيسية منتخبة بجانب الاستفتاء العام”.
نماذج للتجارب
في السياق، قدم عميد الصحفيين السودانيين محجوب محمد صالح، ورقة بعنوان: (أفضل التجارب لحماية الدستور “تجربة جنوب أفريقيا”)، احتوت سرداً تاريخياً للتفرقة العنصرية بجنوب أفريقيا واعتقال نيلسون مانديلا، مروراً بالمصالحات التي أفضت لإطلاق سراحه، وبعدها إنشاء دستور البلاد.
ومن ناحيته قدم أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، بروفيسور عطا البطحاني، ورقة حول أفضل التجارب في صناعة الدستور (تجربة كينيا وتجارب أخرى) عدّد فيها تجارب دول مختلفة في صناعة الدستور، حيث وجدت نقاشاً مستفيضاً من المشاركين.
وفي المقابل، قدمت الخبيرة القانونية د. ابتسام سنهوري، ورقة بعنوان (نصوص اتفاقيات السلام ذات الصلة بدستور السودان)، بينما قدم وكيل وزارة الحكم الاتحادي د. حسان نصر الله، ورقة بعنوان (مؤتمر نظام الحكم في السودان والدستور).