الجمعة, أبريل 19, 2024
تحقيقاتسياسة

وعود السياسيين.. مواطنو النيل الأزرق يحلّلون خطاب الحاكم ويطرحون المطلوبات

قضية تطرحها من النيل الأزرق: هويدا من الله

احتشد مواطنون بالآلاف في ولاية النيل الأزرق لاستقبال الحاكم الجديد الفريق أحمد العمدة بادي، في (12) يوليو الحالي، وهم متعطشون لسماع حديث السلام والعودة الطوعية وإعمار ما دمرته الحرب ومحاربة الفساد وقضايا الأراضي والحكم والثروة وغيرها من القضايا التي تخص شؤونهم، فجاؤوا أفواجاً ملوحين برايات التلاحم الشعبي آملين في مستقبل أفضل.

وفي هذه القضية تحاول (مدنية نيوز) أن تضع السياسيين والمسؤولين أمام مسؤولياتهم المباشرة حتى لا يطلقوا الأحاديث في خطبهم فتأخذها الرياح ويتركون المواطنين في انتظار الوعود المتكررة من مسؤول إلى آخر.

ونركز في هذه المساحة على ما وقع على آذان المواطنين من حديث الحاكم، وما إذا كان الخطاب منصفاً ومرضياً بالنسبة لهم، وماذا يرجون؟

الفساد

والتقت (مدنية نيوز) أمس الأول، بالناشط الاجتماعي إيهاب سيسيو، الذي وصف خطاب الحاكم بالمتزن في العديد من القضايا التي اعتبر أنها تمثل حاجة الإقليم بصورة عاجلة، ولكنه رأى أن الخطاب لم يتطرق لإشكال الفساد والمفسدين بصورة أوسع.

وأضاف أن الخطاب لم يعلق على أداء لجنة إزالة التمكين سواء بتدعيمها أو مراجعة عملها، مع العلم أن العديد من القوى الثورية والمواطنين ظلوا ينتقدون على مرأى ومسمع الجميع أداء لجنة إزالة التمكين بالولاية لبطئها في تنفيذ مهامها (سلحفائيتها).

وتابع أن الخطاب لم يشر إلى المفسدين في القطاعات العسكرية والمدنية بصورة مباشرة، ورأى أن سبب تدني الخدمات في النيل الأزرق هو الضعف والفساد الإداري.

الأمل

وعلى الرغم من ذلك أفاد سيسيو، أن الخطاب حمل كثيراً من الأمل لشعب النيل الأزرق الذي قال إنه انكوى بسنوات الحرب والاضطهاد وعدم التنمية والتردي الخدمي، وأردف: (لكن يظل الأمل منقوصاً طالما أن النيل الأزرق ما تزال تتنظر أبناءها الذين هم في الضفة الأخرى مع القائد (جوزيف تكا) -في إشارة إلى الحركة الشعبية التي لم توقع على اتفاق سلام بعد-، وزاد: لذلك لا بد من وحدة الصفوف والصوت مع الحاكم للاصطفاف من أجل كلمة سواء لتحقيق الإعمار والتنمية للمواطن.

تسوية سياسية

ومن جانبها ذكرت د. عرفات محمد، أن كلمة الحاكم كانت منطقية من حيث ارتباطها بمرجعيات اتفاق السلام الموقع في جوبا، وليس على حسب طموح وآمال شعب النيل الأزرق الذي كان يحلم بحكم ذاتي تتم فيه معالجة المظالم التاريخية بصورة جذرية، وليس على حسب نص الاتفاقية التي شاركت في صياغتها الأحزاب التقليدية التي هي سبب أساسي في ظلم مناطق الهامش، وقامت على محاصصة في السلطة والثروة.

وأضافت: أما نسبة السلطة الممنوحة فهي مخصصة للحركة الشعبية وتبلغ (30%) في الجهازين التشريعي والتنفيذي، وهذا يؤكد أن الاتفاق عبارة عن شراكة سياسية بين الحركة الشعبية ومكونات الحرية والتغيير، ورددت أن الخطاب تضمن أن الاتفاقية أنصفت شعب النيل الأزرق وهي ملك له فقط، ولكن في الخطاب تناقض باعتبار أن الاتفاقية أنصفت الحركة الشعبية بتلك المحاصصة وليس شعب النيل الأزرق.

وأشارت د. عرفات، إلى أن الحاكم كان قد ذكر أن الاتفاق نهائي وبه وداع للحرب، وقالت: (هذا يتناقض مع وجود حركات ما تزال تحمل السلاح)، ولفتت إلى أن الحاكم تحدث عن ضرورة وجود آلية لإعادة هيكلة الدولة مع وجود تسمية إقليم وحاكم ووالٍ وولاية.

ورأت عرفات أن الحاكم غض النظر عن أن الدعم السريع قوة نظامية قائمة بذاتها، ولم يطالب بدمجها أو حلها، رغم حديثه عن بناء جيش موحد.

وشددت عرفات، على أن ما يجري عبارة عن تسوية سياسية في مساحة الحد الأدنى للحركة الشعبية والحد الأعلى لأحزاب المركز؛ في الوقت الذي يفترض أن يحدث العكس (طبقاً لحديثها).

إغفال لجان المقاومة

ياسر عمر سعد الله، عضو لجان مقاومة حي أركويت، تحدث عن أن الخطاب أغفل تحية لجان المقاومة على مستوى النيل الأزرق لأنها شرارة الثورة التي قال إنها سرقت منها واستخرجت لها شهادة ميلاد في بلد آخر، وكذلك إغفال تحية لجان المقاومة بصورة أوسع لدورها الفعال في إنجاز اتفاقية السلام عبر مليونياتها التي كانت شعارها (السلام أولاً).

كما أبان ياسر، أن الحاكم تعرض للاتفاقية وأنها عالجت هيكلة الدولة والمشاركة العادلة في السلطة والثروة، وهذا يتناقض مع تقسيم النسب (30 و40%) ما بين الحرية والتغيير والحركة الشعبية.

وواصل ياسر، أن الحاكم تناول في خطابه الشفافية في تكوين الحكومة، ورأى أنه في هذه النقطة إن حدثت محاصصات سيصاب أهل النيل الأزرق والقوى الثورية بالولاية بالإحباط، خاصة أن هناك معلومات تشير إلى أنه تم تشكيل الحكومة وتبقى الإعلان عنها.

قضايا الأرض والمصالحة

وتابع: أيضاً تناول الخطاب قضايا الأرض، وهذه القضية تحتاج إلى المجلس التشريعي الذي لم يتم تشكيله، كما تناول الخطاب الحكم الذاتي المنصوص عليه في الاتفاق، وأردف: (ليس مذكوراً وفق ميثاق الأمم المتحدة).

وأردف: (أيضاً تناول الخطاب قضية المصالحة، مع العلم أن النظام المخلوع دمر واستقطب الإدارات الأهلية لتقوية نظامه لبطش المواطنين، فكيف تتم المصالحة دون إصلاح تلك الإدارات؟).

في انتظار التنفيذ

ومن ناحيته رأى الشيخ خليفة، أن الخطاب لا ينقصه إلا التنفيذ، خاصة الجزء الذي تحدث فيه الحاكم عن الأراضي الزراعية والسكنية والاستثمارية، لأن أكبر النزاعات التي حدثت في السابق كانت بسبب الأراضي وتمليكها لأفراد دون وجه حق. وشدد خليفة على أنه إذا تم حسم قضية الأراضي بالقوانين الرادعة سوف يساعد ذلك في العودة الطوعية وزيادة الإنتاج الزراعي بالإقليم.

الخاتمة

خلاصة الإفادات هي أن القول يظل قولاً ما لم يتبعه فعل حقيقي، وأن الفعل أو التنفيذ يحتاج للوائح وقوانين رادعة وآليات مختلفة للخروج من نمطية السنوات الفائتة والوعود المطلقة في الهواء، لأن المواطن أصبح أكثر وعياً بحقوقه وواجباته، ورقيباً على السلطة، لذلك أصبح خطاب حاكم إقليم النيل الأزرق محفوراً على ذاكرة المواطنين حتى يتم تنفيذ ما جاء فيه، وأنهم سيظلون في حالة متابعة لحين تحقيق آمالهم وطموحاتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *