الثلاثاء, أبريل 16, 2024
تقاريرسياسةمجتمع

المواطنون والشرطة.. مبادرات لترميم العلاقات

الخرطوم: عازة أبو عوف
أطلقت مجموعة من المبدعين والسياسيين ونشطاء حقوق الإنسان، مبادرة (حريصون على الوطن) من خلال دعم الانتقال من المرحلة السالبة لمرحلة أكثر إيجابية، ودشنت المبادرة أول نشاط لها لمناقشة تعزيز الثقة بين الشرطة السودانية والمواطن أمس الأول بكلية الهندسة جامعة الخرطوم، بحضور أعضاء المبادرة ضم قيادات نسوية وفنانين وشعراء وأكاديمين وإعلاميين.

وقالت عضوة المبادرة المدافعة عن حقوق الإنسان، أماني جعفر، إن المبادرة تضم مجموعة من السودانيين والسودانيات لدعم الانتقال للدولة المدنية، وتحقيق شعار حرية سلام وعدالة، وأشارت إلى أن مؤسسة الشرطة من أهم المؤسسات في الفترة الانتقالية، لأن مهمتها الأساسية الحماية والسلام ومساعدة المواطن من خلال حفظ حقوقه التي كفلها القانون، وأبرزها حرية التعبير، وأفادت أن الشرطة كانت في عهد النظام السابق منحازة كلياً لحماية النظام ورموزه، وتحولت من مؤسسة توفر الأمن إلى أداة بطش بالمواطن.

وشددت على ضرورة التدخلات لإحداث تغيير في كافة المؤسسات التي كانت تأتمر بأوامر حكومة (الإنقاذ)، ورأت ضرورة الا يقتصر التدخل على المبادرة فقط، وطالبت بمشاركة كل المواطنين داخل المؤسسات المختلفة، بالإضافة لكافة القطاعات والأجسام المدنية.

وأكدت أنه لا تراجع عن شعارات ثورة ديسمبر المجيدة، وقطعت بقدرة المبادرة على إحداث تغيير عبر ردم الهوة بين المواطنين والمؤسسات التي تم استغلالها لتفرض ما وصفتها بسلطة العصابة.

وناقش المؤتمر الأول للمبادرة عدداً من الأوراق المتعلقة بعلاقة الشرطة والمواطن، وكيفية تعزيز الثقة بينهما، واشتملت الأوراق المقدمة على كيفية تحقيق الشرطة النوعية في ظل الحكومة الديمقراطية وعقلية العنف والدولة، كما ناقش المؤتمر دور الرياضة والفنون في السلم المجتمعي والأجهزة الشرطية بين الواقع والمأمول.

وقدمت لجان المقاومة رؤيتها لتعزيز الثقة بين الشرطة والمواطن والإعلام وإعادة الثقة. فيما طالب أعضاء المبادرة بضرورة إعادة هيبة الشرطة وسن قوانين جديدة تدعم التغيير والعدالة.

من جانبه قال د.خضر الخواض في ورقة حول التطور التاريخي للعلاقة بين الشرطة والمجتمع، إن فترة الحكومة السابقة تحول نظام الشرطة الداعم لنظام الحكم الديموقراطي الى مؤسسة تحمي نظام الحكم الشمولي العسكري، حيث شهدت تلك الفترة الكثير من الأحداث التي غيب فيها القانون ونظم الحكم المحلي لحساب تمكين النظام السياسي السائد، مبيناً أنه تم تحويل كل الأجهزة والمؤسسات في الدولة إلى مؤسسات تابعة لهذا النظام مثل الصالح العام، وإبدال وإحلال جماعات وأفراد جدد في كل المؤسسات بما فيها مؤسسة الشرطة، وذلك لبسط مشروع يخص التنظيم الحاكم وضمان استمرارية حكمه وتأمين نظامه السياسي، وكانت هذه الفترة من مظاهرها سيطرة أيدلوجية معينة على مؤسسة الشرطة، وأمنية الانتماء التنظيمي في تقلد المناصب خصوصاً منصب المدير العام ومنصب وزير الداخلية.
وأوضح أن مؤسسة الشرطة تحولت لحماية النظام الحاكم، وأبرز مظاهر ذلك العنف المفرط الذي انتهجته في قمع المظاهرات، خصوصاً وسط الطلاب والتي شهدت كثير من الآثار السالبة للعلاقة ما بين المواطن والمؤسسة التي من الواجب عليها أن تحمية وتخدمه. إلى جانب ذلك تم تكوين بعض الوحدات التي لها علاقة مباشرة بالمجتمع المحلي مثل الشرطة الشعبية وأجهزة النظام العام، والتي تم وضع قوانين لها آثار سالبة على سلامة المواطن، وهذه القوانين لا سند لها في النصوص الدستورية بل وضعت لقهر المجتمع.
وأضاف أن التطور الأكاديمي وإدخال التقنية في استخراج الأوراق الرسمية لم يُحسن صورة العلاقة بين االشرطة والمجتمع في تلك الفترة، لأن الصورة الذهنية لدى المواطنين تطبعت وارتبطت بالقمع والإفراط في القوة في فض المظاهرات السلمية، خاصة ثورة ديسمبر والتي واجهت الشرطة المتظاهرين فيها بكثير من آلات القمع طيلة الحراك الثوري، حتى جريمة فض الاعتصام، وهذا ما زاد من تطور الشرخ ما بين الشرطة والمجتمع.

ونوه إلى أن مظاهر العداء بين المواطن والشرطة برزت في الفترات التاريخية المختلفة، حيث كانت بسبب انتزاع الحقوق والمطالب، وفي بعض المعاملات المباشرة بين المواطن والشرطة في مناطق ومواقع التفتيش أو السجل المدني، أو أجهزة المرور، موضحاً أن مستويات العلاقة ترتبط بالخدمة المقدمة، وكل ما وجد المواطن تسهيلات وخدمة ممتازة مقدمة من الشرطة كلما كان راضياً عن النظام الشرطي.

وأوضح الخواض أنه بعد تشكيل الحكومة الانتقالية الحالية بعد الثورة لم يتغير الحال كثيراً، خاصة في مواجهة التظاهرات على الرغم من تغيير بعض القوانين ومدنية مجلس الوزراء، ونبه إلى وجود الكثير من التجاوزات التي أدت إلى حدوث مواجهات بين الثوار والشرطة في كثير من الأحيان. ولفت إلى أن انتشار مظاهر الجرائم المختلفة في كل المناطق مثل جرائم (9 طويلة) -لصوص الدراجات النارية- وكذلك تكدس المواطنين في مواقع السجل المدني، أيضاً يُلاحظ أن الشرطة قامت بتقديم بعض الخدمات أثناء جانحة كورونا لبعض المواطنين، مع وجود بعض الاخفاقات خصوصاً في الحظر الشامل.

ولخص الخواض ورقته بقوله إن تاريخ الشرطة في السودان له انعكاساته على الأفراد في المجتمع سلبياً وإيجابياً، ونتج عن ذلك أن أجهزة الشرطة في النظم الديموقراطية كانت تعمل على حماية وخدمة المواطن، بخلاف النظم العسكرية التي كانت تعمل على حماية النظام الحاكم، وقمع حق التعبير والحريات، وتقترن وظيفة الشرطة الاجتماعية وعلاقتها بالمواطن وفقاً لأعمال الخدمة وسيادة القانون، وعدم استغلاله واستقلالية الدولة، وعدم إعمال وتقنين القوانين المقيدة للحريات، وكذلك أن لا تطغى الحرية الشخصية للفرد على القانون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *