الإثنين, أبريل 15, 2024
تقاريرسياسة

أوضاع الصحفيات والصحفيين السودانيين بعد ثورة ديسمبر 2019م الحلقة (2)

إعداد: صفية الصديق

(هذه الورقة مُعدة لشبكة الصحفيين السودانين)، وتم تقسيم الورقة لحلقات لأغراض النشر.

الحلقة (2)

مقدمة:

وفرت ثورة ديسمبر المجيدة مناخاً سياسياً أتاح مساحة للحريات العامة وحرية التعبير، ما أعطى إمكانية لإثارة قضايا الصحفيات والصحفيين وطرح كل مايتعلق بقضايا الحماية والحقوق تمهيداً للتأسيس لمناهج للحماية عبر القوانين حيث ساهم -الصحفيون السودانيون- في تفعيل الحراك السياسي والاجتماعي خلال عمليات التغيير السياسي الممتدة منذ الاستقلال وكانوا من بين المطالبين/ات بالعدالة وتوسيع حرية التعبير، فهل تحسن الوضع بعد مرور ثلاث سنوات على ذلك؟.

تتناول هذه الورقة أوضاع الصحفيات والصحفيين ما بعد الثورة وتأتي في إطار فتح الحوارات بين مجتمع الصحفيين وكياناتهم من أجل تشخيص التحديات التي تواجهم، ومن ثم الوصول إلى صيغ عملية لمجابهتها، إذ أنه لا يمكن إنجاز عملية انتقال ديمقراطي مستقر ومحمي بالإرادة الشعبية، ما لم تتوفر صحافة حرة ومستقلة ومهنية، في مناخ حريات عامة يراعي حقوق الصحفيين، وذلك لما يُنتظر من الصحافة أن تؤديه من أجل تثبيت دعائم دولة المؤسسات، الحقوق المدنية، التنمية المستدامة والمساواة في الحقوق والواجبات.

استخدمت الورقة منهجية الملاحظة والتحليل إضافة لمقابلات مع صحفيات وصحفيين وخبراء اقتصاديين في مجال الإعلام.

يرى خبراء أن المجتمع الإعلامي فوجئ بالتغيير إذ لم يكن مستعداً بسياسات تؤسس لحماية حق التعبير بالتالي حماية الصحفيين؛ على الرغم من أنه خلال الفترة بين 2016-2017 عملت قوى المجتمع المدني، القوى السياسية في مشروع السياسات البديلة لفترة الانتقال وتم عمل مسودات غير مكتملة لقطاعات الدولة المختلفة بما فيها الإعلام إلا أنها لم توضع في الاعتبار بعد تحقيق الانتقال الديمقراطي.([i])

بالأساس المجتمع الاعلامي فوجئ بالتغيير إلى حد كبير فيما يتعلق بواجبات التصدي للمرحلة الانتقالية من المفترض أن ينشأ إعلام انتقالي لديه أهداف تتمثل في إصلاح الموروث من الإعلام (الإنقاذي) ومحاولة تفكيكه كمفاهيم وقوانين ومنظور للعمل هذا لم يحدث لأسباب تتعلق بأن التنفيذيين لم ينجزوا المطلوب للإعلام وانعكس ذلك بأن بقي كل شيء كما هو عليه، إذ أنه ومن أهم الواجبات الانتقالية حدوث تعديل أو راديكالية للسلطات الاقتصادية في الإعلام إذ لا يمكن أن تدير فترة انتقالية بذات المؤسسات الإعلامية التي كانت ابنة لفترة سياسية سابقة وانعكس ذلك كلياً على أوضاع الصحفيين فلا توجد قوانين لحماية الصحفيين والصحفيات حتى الحماية الصحية في ظل الجوائح وقد كشف (وباء كورونا) ضعف المؤسسات الصحفية التي لا يمكن أن توفر الاحتياط في ظروف الأزمات، وعلى ذات الصعيد لا يوجد بلد في العالم به مؤسسات صحفية (ظالمة) أكثر من السودان وهذه ورثة (الانقاذ) المتمثلة في استغلال الصحفين والتعامل معهم كماكينات منتجة وللأسف لا زال هذا الوضع متواصلاً. ([ii])

الصحفيون والعاملون في مجال الصحافة لا يتمتعون بالحماية ويتقاضون أجوراً لا تسوى شيء وهذا يعود لأن الصحف ذاتها مصادر تمويلها محدودة ولا تميل المؤسسات المالية التابعة للدولة لتمويل الصحف إذ لا توجد بنوك ترعى الصحف وتقدم لها القروض بما لا يؤثر على حريتها واستقلاليتها وهذا من شانه أن يحسن الوضع المالي للصحف بالتالي تحسين أوضاع الصحفيين إذا ما تمَ استغلال الأرباح لتحسين العملية الإعلامية لا الربح الفردي. في ظل هذا الوضع هجر الصحفيون مهنة الصحافة واتجهوا للهجرة، العمل مع مؤسسات صحفية أجنبية أو العمل في قطاعات أخرى منها هامشية. ([iii]). وحتى تكون الصحافة أكثر مهنية لا بد من أن تهتم الدولة بدعم مدخلاتها وتيسير سبل تمويلها والتأسيس لقوانين لحماية الصحفيين اقتصادياً لأن الصحافة أولى بالدعم بالذات من مؤسسات التمويل خاصة القطاع المصرفي على اعتبارها من السلع الضرورية.([iv] )

هشاشة الوضع السياسي أدت بشكل أساسي لعدم وضوح الرؤية فيما يخص قطاع الإعلام، فلا زال الاختلاف حول مسودات القانون المقدمة قائماً إذ لم يوافق عليها المشرع ولا لجنة سياسات الإعلام التي كونتها وزارة الإعلام – فهل سيغطي القانون قضايا حريات التعبير وأوضاع الصحف والصحفيين؟، وهل ستكون به حساسية تجاه النوع الاجتماعي؟، كلها تساؤلات يفرضها الواقع السياسي ما بعد الثورة والذي يحتم أن يحوي القانون أشياء مختلفة من السابق– كل هذه أوضاع تؤثر على الصحفي بوجود قوانين عديدة لا زالت تحاكمه – الخلافات والصراعات في الوسط الصحفي والتي من شأنها أن تؤثر على قيام نقابة حرة مستقلة وتلعب دوراً في حماية الصحفيين وترقية المهنة وتؤسس لحق الحصول على المعلومة وبالتالي التمتع بحرية التعبير. التضحم الاقتصادي وتأثيره على المؤسسات الصحفية وتحول كثير منها لإلكترونية أوضاع الصحفيين بها سيئة للغاية كمالا توجد بيئة ملائمة تجعل الصحفي/ية بوضع أفضل ؛الصحف لا زال يسيطر عليها مستثمرون لتحقيق أغراض اقتصادية وسياسية- قضية الأجور التي لا زالت ضعيفة لصحفيين يعملون لفترات طويلة بدون مستحقات- صحفيين انصرفوا للعمل في المهن الأخرى أو اتجهوا للعمل كمراسلين لوكالات أنباء وهي ذاتها أوضاعها غير مستقرة وغير منظمة ولا يوجد قانون يحميهم. قضايا أخرى مؤثرة على أوضاع الصحفيين ومصداقيتهم تتمثل في غياب التحقق من المعلومات- التضليل – استقاء المعلومات من (السوشيال ميديا)، المعلومات غير متدفقة بصورة سليمة والصحفيون ما زالوا محجوزين بعقلية شمولية لا يبحثون عن المعلومات، تغير الواقع السياسي ولم تتغير طريقة التعاطي مع ملف الصحفيين إذ لا زالت الثقة غائبة بين المسئول والصحفي– الصحفي يتعامل مع المسئولين كأنهم في حرب مع المسئولين.([v] )

وفيما يخص الحماية فإنه لا تتوفر أي نوع من أنواع الحماية حتى من الأزمات والكوارث في مناطق النزاعات، سواء الحماية من الدولة أو من المؤسسات الصحفية فيما عدا الحماية المحدودة من المؤسسات والأجسام الصحفية والمنظمات الحقوقية- حتى في ظل (جائحة كورونا) لم يتم ضمان حماية التنقل بوسائل آمنة، كما أن الإغلاق أثر بشكل كبير على بعض الصحف التي استغنت عن صحفيين واحتفظوا بصحفي أو اثنين، بعض الصحفيين عادوا لولاياتهم ولم يتمكنوا من التواصل بسبب سوء شبكة الانترنت وارتفاع تكلفته كانت الأولوية لذوي الأوضاع المادية الجيدة الذين يتحملون تكلفة الإنتاج مع الصحف ما أحدث تمييزاً وجعل البقاء لمن يقدرون على الصراع للبقاء.([vi])

أثرت (الجائحة) على الصحفيات النساء أكثر رغم تأثيرها على الاثنين، لكن وبمجرد الإغلاق اضطرت الصحفيات للعودة للولايات أو البيوت- وأصبح التنقل عثيراً إضافة لعدم تمكن الصحفيات من الوصول للانترنت كما تعاني الصحفيات من ظروف مادية معقدة فمن يتقاضين مرتباً أصبحن يتقاضين نصف مرتب على ضَعفِه وتم الاستغناء عن عدد كبير من الصحفيات وإعطاء جزء كبير منهنّ إجازات إجبارية وذلك حسب دراسة أعدها مركز الألق للخدمات الصحفية حول تأثير الجائحة على الصحفيات، إذ لا بد أن يحتوي القانون أو سياسات الدولة على ضرورة حماية الصحفيين في ظل الأزمات. ([vii])

1- من أرشيف لجان السياسات البديلة 2016-2017

2- وجدي كامل، مصدر سابق

3- دكتور محمد الجاك، أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم، متخصص في اقتصاديات الإعلام، إفادة عبر الهاتف، 11 يوليو 2021

4- محمد الجااك، المصدر السابق

5- صباح محمد آدم، مصدر سابق

6- المرجع السابق

7- نفس المصدر السابق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *