السبت, أبريل 20, 2024
مقالات

قوى الانقلاب وإرادة الجماهير

| الركيزة |

بقلم: أيمن سنجراب

لم يكن ما حدث في (25) أكتوبر الماضي هو بداية الانقلاب الفعلي على الحراك الثوري في السودان، فقد بدأ المجلس العسكري انقلابه منذ ما حدث في (11) أبريل 2019م وادعائه الانحياز لمطالب الشعب في الإطاحة بالنظام الذي رأسه عمر البشير.

وجاء انقلاب (25) أكتوبر لتكملة حلقة التآمر على الثورة وقطع الطريق أمام تحقيق أهدافها، رغم محاولات تغليف الانقلاب بأنه محاولة تصحيحية وذلك بتجميد العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية والعمل ببعضها وفي ذلك يبدو قائد الانقلاب الفريق أول عبد الفتاح البرهان وكأنه يريد تمزيق الوثيقة الدستورية والاحتفاظ بها في آنٍ واحد حاله في ذلك كحال من يريد أن يأكل (الكيكة) وأن يحتفظ بها في الوقت ذاته!!، وهذان الفعلان لا يمكن حدوثهما معاً، وهو ما لم يفت على فطنة الشعب الذي خرجت غالبيته الفاعلة في الشوارع رفضاً للانقلاب.

وإن كانت هناك محاسن لهذا الانقلاب ففي مقدمتها تجديد الالتفاف على مطلب الحكم المدني الخالص، بجانب محاولات إعادة تنظيم قوى المقاومة الثورية من الأجسام المختلفة لمواجهة السلطة الانقلابية وما زال التفاعل يتواصل ويتخلق وصولاً لميثاق أو إعلان موحد، وقد تكفلت لجان المقاومة بمهمة قيادة المواكب التي ظلت تقوى بتصاعد وآخرها موكب (30) نوفمبر الماضي الذي كانت وجهته القصر الجمهوري بالخرطوم وشهد بسالة (الكنداكات) و(الشفاتة) في مواجهة العنف والانتهاكات بصمود والتزام بالسلمية كشعار مستديم منذ انطلاقة المقاومة في ديسمبر 2018م وحتى آخر حراك.

والمتابع للعمل الجماهيري في الآونة الأخيرة عقب استشعار القوى الحية لمحاولات الانقلاب قبل حدوثه يرقب موكب (21) أكتوبر المنصرم الذي تعالت فيه الهتافات المطالبة بالحكم المدني ورفض الشراكة مع العسكريين واستنكار محاولات انقضاضهم على السلطة، وكان الحال كذلك في موكب (30) أكتوبر وحتى ذلك الحين وإلى ما قبل التوقيع على الاتفاق السياسي بين (البرهان وحمدوك)، كان حمدوك هو مطلب أعداد مقدرة من الجماهير، التي غيّرت رأيها فيه عقب ذلك الاتفاق وعدت توقيعه عليه انحيازاً للعسكر في انقلابهم فانطلقت مطالب إسقاطه والعسكريين معاً للتأسيس للدولة المدنية وفي ذلك دلالة وعي كبير على الانحياز للقيم وليس الأشخاص إيماناً بشعارات الثورة في (الحرية والسلام والعدالة) وكل قيم الديمقراطية، فتحول حمدوك في لحظات من رمز ثوري لدى الكثيرين إلى هدف للتغيير!!.

ومن المهم أن تستعيد القوى المؤمنة بأهداف الثورة حقيقة من (أسر الشهداء ولجان المقاومة والأجسام المهنية والقوى السياسية وقوى المجتمع المدني) وغيرها ثقتها في بعضها بالكامل وتكثيف التنسيق لخلق كتلة ثورية قوية ومتماسكة للتخطيط للمرحلة المقبلة، مع إغلاق الطريق أمام قوى الهبوط الناعم التي تعمل للسيطرة على امتيازات النظام السابق وتحقيق تغيير سطحي يعالج قشور الأزمات لا جذورها، وقد كان في المرحلة المنصرمة من الفترة الانتقالية مثال حي.

ومن خلال التفاعل الثوري وآخره موكب (30) نوفمبر الماضي ظهرت بصورة واضحة قدرة الجماهير على قيادة الشارع والتضحية من أجل بلوغ أهدافها التي آمنت بها وأنه لا تراجع عن المطالب مهما كلف الأمر، ومما زاد شعلة العمل الثوري اتقاداً انحياز (جيل الثورة)، ذلك الجيل الذي ولد ونشأ في عهد النظام المخلوع فكان في انضمامه للنضال ترجيحاً لكفة الثورة.

والراصد لحركة الجماهير يوقن ببلوغها أهدافها مهما طال المسير، ولكن من المهم رصد الانتهاكات التي ترتكب في مواجهة المشاركين والمشاركات في الحراك السلمي ومنها القتل والجراح والإصابات الناتجة عن العنف المفرط، وتحديد المتسببين فيها تمهيداً لمساءلتهم ومحاسبتهم بتحقيق العدالة والإنصاف، أما قادة الانقلاب من العسكريين والمدنيين فحتماً ستطالهم يد العدالة فقد ولى زمان الإفلات من العقاب!!.

ومن الملاحظ أن الانقلابيين يمضمون في طريقهم بفرض الانقلاب والإجراءات المترتبة عليه مثل تشكيل مجلس سيادة جديد كأمر واقع مع محاولات للحصول على دعم دولي وإقليمي خاصة بعد إقناع حمدوك بتولي مهمة رئاسة الوزراء، ولكن لن ينطلي ذلك على الشعب السوداني الذي خرجت قواه الحية رفضاً ومقاومة للانقلاب ووصاية العسكريين وسيطرتهم على مجمل المشهد، وفي مقابل الخطوات المبنية على الانقلاب تتسارع خطى الجماهير التي رددت الفضاءات والفضائيات صدى هتافها (الثورة ثورة شعب والسلطة سلطة شعب والعسكر للثكنات)!!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *