الثلاثاء, أبريل 16, 2024
تقاريرمجتمع

سكان (الكنابي) بالجزيرة.. حرمان من الحقوق وعيش على هامش الحياة (1)

الخرطوم: حسين سعد

ظل سكان (الكنابي) في ولاية الجزيرة يعانون من حقوق المواطنة المتساوية والحرمان من الحق في السكن الإنساني اللائق، كما تمتد معاناتهم من عدم توفير الخدمات من مياه صالحة للشرب وكهرباء ومؤسسات تعليمية في المراحل المختلفة ومؤسسات صحية وغيرها.

في هذا التقرير يتم تسليط الضوء على معاناة أولئك السكان ورحلتهم التأريخية وأماكن تواجدهم ونشاطهم الاقتصادي ومدى معاناتهم من التهميش والحرمان من الحقوق.

بولاية الجزيرة (8) محليات هي: (الكاملين، الحصاحيصا، شرق الجزيرة، أم القرى، مدني الكبرى، جنوب الجزيرة، المناقل، والقرشي)، ويقدر عدد القرى بالولاية بنحو (2220)، أما (الكنابي) فيزيد عددها عن (2150).

ويبلغ عدد سكان الولاية نحو (4) ملايين نسمة وتوجد بالجزيرة (1720) روضة أطفال و(1826) مدرسة لمرحلة الأساس وحوالي (435) مدرسة للمرحلة الثانوية، ونسبة (80%) من هذه المدارس تم تشييدها بالجهد الشعبي، ويقدر عدد التلاميذ بحوالي (633) ألف تلميذ وتلميذة في مرحلة الأساس وبالثانوي (110) آلاف طالب وطالبة.

وفي العام 2017م أصدرت حكومة الولاية قراراً قضى بتجميد (200) مدرسة ثانوية وتحويل طلابها إلى مدارس أخرى بدعوى ضعف تغذيتها وقلة عدد طلابها.

المحليات.. وحداتها وخدماتها

داخل هذا التقرير نتناول المحليات التي يقع بها مشروع الجزيرة والمناقل محل دراساتنا لذلك لا نتناول محليات مدني الكبرى التي تقع رئاستها بود مدني، ومحلية أم القرى ومحلية شرق الجزيرة.

محلية الكاملين:

وحداتها الإدارية هي: (الكاملين المدينة، المعيلق، السريحة، المسيد، الصناعات) ويبلغ عدد القرى و(الكنابي) مجتمعة (152) بينها (85) قرية و(67) (كنبو)، وتتميز الكاملين المدينة بوجود خدمات تشمل مستشفيات ومدارس حكومية وخاصة وكل وحدة إدارية بها مستشفى ريفي وعدد من المراكز الصحية والأندية الرياضية التي تتبارى في دوري يضم الدرجات الأولى والثانية والثالثة، وكان للكاملين أول ممثل في الدوري العام في نسخته الأولى وهو فريق (العصمة)، أما المدارس فغالبية القرى بها مدارس للأساس والثانوي و(شفخانات).

واقع (الكنابي):

وبالنظر لكل (كنابي) محلية الكاملين نجد أنها لا توجد بها مدارس للأساس أو الثانوي ولا توجد بها مراكز صحية والمساجد غالبيتها مشيدة بـ (القش) أو (الجالوص) وعدد قليل تم تشييده من قبل أهل الخير، وبعض (الكنابي) بها مضخات للمياه (كرجاكات) وبعضها تعتمد على الترع أو القرى القريبة في الحصول على مياه الشرب.

محلية الحصاحيصا وحال (الكنابي)

الوحدات الإدارية هي: (الحصاحيصا المدينة، أبوعشر ود حبوبة، المسلمية، أبوقوتة، طابت، الربع، المحيريبا)، ويبلغ عدد القرى (629) قرية و(الكنابي) (285) وتتميز الحصاحيصا المدينة بوجود خدمات تضم المستشفيات والمدارس الحكومية والخاصة، وبالحصاحيصا اتحاد محلي لكرة القدم ولديها أندية شاركت على المستوي القومي وهناك أندية تتبارى في إستاد المدينة العريق في الدرجات الأولى والثانية والثالثة، وكل وحدة إدارية بها مستشفى ريفي وعدد من المراكز الصحية والأندية الرياضية، أما المدارس فغالبية القرى بها مدارس للأساس والثانوي كما توجد (شفخانات)، وكل (كنابي) محلية الحصاحيصا لا توجد بها مدارس لمرحلة الأساس أو المرحلة الثانوية، ولا توجد بها مراكز صحية والمساجد غالبيتها مشيدة بـ (القش) أو (الجالوص) وعدد قليل تم تشييده من قبل أهل الخير وبعض (الكنابي) بها مضخات للمياه (كرجاكات) وبعضها تعتمد على الترع أو القرى القريبة في الحصول على مياه الشرب.

(الكنابي) ومحلية جنوب الجزيرة

الوحدات الإدارية هي: (الحوش، المدينة عرب، ود رعية، الحاج عبد الله، وبركات) وكل وحدة إدارية بها مستشفى ريفي وعدد من المراكز الصحية، أما المدارس فغالبية القرى بها مدارس للأساس والثانوي، و(شفخانات).

والملاحظ أن كل (كنابي) محلية جنوب الجزيرة أوضاعها الخدمية تشابه المحليات الأخرى فيما يتعلق بالخدمات، حيث لا توجد بها مدارس للأساس أو الثانوي ولا توجد بها مراكز صحية وغالبية المساجد مشيدة بـ (القش) أو (الجالوص) وعدد قليل تم تشييده من قبل أهل الخير، وبعض (الكنابي) بها مضخات للمياه (كرجاكات) وبعضها تعتمد كسابقاتها على الترع أو القرى القريبة في الحصول على مياه الشرب.

محلية المناقل

الوحدات الإدارية هي: مدينة المناقل، ريفي المناقل، الكريمت، الهدى، والجاموسي)، ويقدر عدد القرى بحوالي (269) و(الكنابي) (217)، ويبلغ عدد مدارس الأساس (307) والثانوي (143) مدرسة، و(365) روضة أطفال وبها جامعتان و(4) كليات ومستشفيان ريفيان متخصصان و(68) مركزاً صحية و(92) شفخانة و(397) مسجداً وكنيسة واحدة، كما يبلغ عدد القابلات (267) قابلة وبالمحلية (129) نادياً رياضياً.

محلية القرشي

الوحدات الإدارية: (معتوق، العزازي، والماطوري)، ويبلغ عدد القرى (260) قرية وعدد (الكنابي) (208)، ومدارس الأساس (214) والثانوي (98) ورياض الأطفال (247) وبها مستشفيات ريفيان و(52) مركزاً صحياً و(64) (شفخانة) و(237) قابلة و(243) مسجداً.

مشروع الجزيرة و(الكنابي)

يضم مشروع الجزيرة والمناقل حوالي (23) قسم ري تمت زيادة (5) أقسام ري جديدة في العام 2018م، أما المكاتب فتبلغ (114) مكتب تفتيش.

كما يضم المشروع أكثر من (130) ألف مزارع موزعين على حوالي (3) آلاف قرية، وحوالي (2200) (كنبو)، ويعيش في المشروع حوالي المليونين ونصف المليون من العمال الموسميين والدائمين الذين يحضروا إلى الجزيرة أثناء حصاد محاصيل القطن والقمح والذرة.

النزوح وبداية التكوين

ويعيش سكان (الكنابي) المنتشرة في ولاية الجزيرة في ظروف إنسانية صعبة، وتعود أسباب وجود (الكنابي) بالجزيرة لنزوح سكانها القادمين من أقاليم دارفور وكردفان مع الثورة المهدية عقب فتح الخرطوم، حيث تدفقت مجموعات كبيرة من أبناء تلك الاقاليم مناصرة للثورة المهدية فسكن البعض منهم في الخرطوم والبعض الآخر انتشروا في المناطق المجاورة للعاصمة من بينها الجزيرة المتاخمة للخرطوم، وبعد أن ضاقت بهم أمدرمان عقب سقوط الدولة المهدية انسحب الكثير من أبناء دارفور وكردفان بعد أن قطع عليهم الجيش الإنجليزي طريق العودة فكانت هذه مجموعة تسكن ولاية الجزيرة، ووفدت الموجة الثانية للجزيرة عقب قيام مشروع الجزيرة والمناقل كعمال زراعيين، أما المجموعة الثالثة، فقد دخلت الجزيرة في العام 1984م بسبب الجفاف والتصحر الذي ضرب غرب السودان آنذاك، وتعتبر هذه المجموعة من أكثر المجموعات تهميشاً ومعاناة في كل المجالات الخدمية حيث يحاصرها الفقر والجهل والمرض.

موضوعنا الأساسي في هذا التقرير هو سكان (الكنابي) بمشروع الجزيرة والمناقل الذي تقدر مساحته بـ (2) مليون و(200) ألف فدان.

ولسد النقص في العمالة بالمشروع تم استقدام عمالة من غرب السودان، وغيرهم من المجموعات، وبعد ذلك استمر نزوح العمال لمشروع الجزيرة وبقية المشاريع الزراعية الأخرى كمشاريع: حلفا الجديدة (1963م) والرهد الزراعي (1977م) والسوكي الزراعي(1970م) بسبب توفر فرص العمل وغياب مشاريع التنمية في الأقاليم التي يحضر منها العمال بجانب موجات الجفاف التي ضربت تلك الأقاليم.

واجه العمال الزراعيون واقعاً لا إنساني وقاسٍ حسب متابعات كثير من مراقبي حقوق الإنسان، ويتعلق ذلك الواقع بالسكن في (الكنابي) وغياب الخدمات من مياه الشرب الصحية والكهرباء والمدارس والمرافق الصحية، بالإضافة إلى أشكال وشروط العمل غير العادلة وحق المواطنة المنتقص بخطاب التغريب والدمغ بالأجنبي الذي تعرض له البعض وإهمال الحكومات لوضعهم اللا إنساني وغياب قضيتهم عن العقل السياسي المسيطر داخل برامج الأحزاب السياسية، فسكنوا في أطراف القرى وحول قنوات الري من (الكنارات) والترع، وفي (البراقين) وهي المساحة التي تقع عند نهاية الأراضي الزراعية، وحول مصارف المياه، ويقوم العمال الزراعيون بأساس العملية الإنتاجية من بداية الزراعة ونظافة الحشائش وعمليات الحصاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *