الجمعة, أبريل 19, 2024
حواراترياضة

رمضان رحمة: بعد دخولي موسوعة (غينيس) أحلم بفتح أكاديمية خيرية لرعاية مواهب أصحاب الهمم

حوار: هيام تاج السر

إرادة الإنسان لا تقهر، ولا يمكن للحواجز أن تحول دون تحقيق الأحلام، رمضان رحمة إسماعيل عمر، خريج كلية التجارة بجامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا، نموذج حي لقوة العزيمة في تحقيق الطموح، لم تثنه الإصابة التي تعرض لها في سن باكرة من عمره عن تحقيق آماله، فبعد أن بترت رجله إثر حادث حركة بشاحنة، ظل متمسكاً بالأمل من أجل السير في دروب النجاح، حتى تحقق حلمه بدخول موسوعة (غينيس) بتسجيل رقم قياسي عالمي بتسديد أسرع ضربات جزاء، (356) ضربة جزاء في ساعة واحدة.

في هذا الحوار جلست (مدنية نيوز) إلى رمضان، وحاورته حول رحلته مع اجتياز المصاعب وتحقيق ذلك الحلم، والاحتفاء الذي وجده من العالم، وأمنياته في حياته المقبلة ورسالته لأصحاب الهمم، فإلى مجريات الحوار:

* متى بدأت علاقتك بالرياضة؟

بدأت علاقتي بالرياضة بعد تعرضي لحادث سير وأنا في عمر الست سنوات وظللت أتلقى العلاج لمدة عام وبعدها قرر الأطباء بتر رجلي، واحتجت بعد الاستشفاء من تبعات الحادث للّعب مثلي ومثل أي طفل وكانت الحاجة ماسة لأن أقوم ببعض النشاط، بدأت في رفع الاثقال بالمنزل بعد ابتداع قطع وأدوات من صنع نفسي حتي استقر بي الحال لأن أخرج للساحات التي يلعب فيها الأطفال كرة القدم في الحي، ومنذ ذلك الوقت أصبح لعب الكرة عالماً أجد فيه نفسي إلى أن تطورت وتحسنت الطريقة التي ألعب بها لدرجة أني أصبحت أجيد التصرف مع أغلب المواقف التي يجب أن تتعامل معها عند امتلاكك الكرة.

* للاعبي كرة القدم أحلام تراودهم، ما هو حلمك الذي سعيت من أجل تحقيقه؟

طالما لن يتسنى لي لعب الكرة كشخص محترف هنالك أمنيات كثيرة مرتبطة بإيصال شغفي بكرة القدم لأكبر فئة في المجتمعات، مثل المشاركة في المهرجانات الكروية ومشاركة نجوم العالم المباريات الخيرية وتسجيل أرقام قياسية أخرى في كرة القدم وبمصاحبة الكرة، وكذلك تمثيل بلدي في منتخب للأشخاص ذوي الهمم (كرة القدم للمبتورين) أو الأشخاص الذين يلعبون بقدم واحدة بمصاحبة عكازين وهي لعبة لديها اتحادات في جميع دول العالم ولديها مسابقة كأس عالم خاص بهم، وأحلم بفتح أكاديمية للأشخاص ذوي الهمم ترعي مواهبهم في شتي المجالات.

* ما التحول الذي حدث في حياتك عقب تسجيل رقم قياسي عالمي؟

بفضل الله بعد التوفيق في تسجيل رقم قياسي تغيرت انطباعات كثيرة جداً عندي من ضمنها التمسك بحلمي لأكثر من (٢٠) عاماً لأن أول محاولة لي كانت سنة ٢٠٠٠م وأصبحت سعيداً جداً بثناء الناس وتقديرهم الكبير لي؛ بالطبع كان لي الشرف بأن أحصل على شهادة وتسجيل اسمي كأول شخص في العالم يركل هذا العدد من الكرات برجل واحدة وهذا التمثيل لم يكن في شخصي فقط بل كان باسم بلدي السودان، تغيرت نظرة كثير من الناس لي من إنسان خامل لشخص يحظى باحترام الناس وهذا شيء يدفعني لمزيد من الجهد وبذل العطاء، وأصبحت فخوراً أكثر بنفسي وحولت كل لحظة ألم عشتها للحظة فرح وطاقة إيجابية لكوني تحديت وتخطيت ما حدث لي، والاحترام والتقدير الذي وجدته عند عدد كبير من الناس كان أكبر من قيمة الرقم الذي سجلته.

لمن تهدي ذلك الانجاز؟

أهديه لأسرتي ووالديّ العزيزين وزوجتي التي آمنت بي ولشهداء ثورة ديسمبر المجيدة ولكل أبناء وبنات السودان ولكل أصحاب الهمم والكادحين في العالم، ولكل من ساندني من أصدقائي للوصول إلى هذه الفرحة العظيمة.

* نريدك أن تحدثنا عن إصرارك على ممارسة الرياضة رغم الإصابة التي تعرضت لها، ما هي الأسباب وراء ذلك الإصرار؟

كنت ولا زلت مصراً على ممارسة الرياضة لأن في الرياضة صحة للجسم والتوقف عنها يجعلك غير مرتاح نفسياً، وفي ممارستها تفجير لطاقة الإنسان، وطالما سلمتُ من الإصابات والحمد لله أنا أتمتع بلياقة جيدة سوف أظل أمارس الرياضة، كما أن للرياضة دور كبير في إيصال رسائل عديدة سواءً كانت رسائل تشجيعية أو تحفيزية أو لخدمة أغراض اجتماعية وحملات تبرعات لا سميا الدعاية والإعلان، وأيضاً ممارستي لها كمدرب هذا يجعلني أؤدي دوراً كبيراً في المشاركة في حركة المجتمع وتطوير الشباب بدنياً ومعنوياً من أجل صقل تجارب بصورة تلبي الاحتياجات،  وأتمسك بالرياضة وبلعب الكرة لشغفي الكبير بها لدرجة أن أصبح حب الكرة يجري في دمائي.

* من أين تستمد الإلهام في ممارسة كرة القدم؟

استمد الإلهام في النشاط الرياضي من قبول المجتمع لي ولا سيما المجتمع الرياضي وتقديرهم للطريقة التي ألعب بها، طاقتي في الاستمرارية كانت مستمدة من قبول الناس وحبهم لي، وأكثر شخص يلهمني ويجعلني أسعى للمضي قدماً هو النجم رونالدينهو الذي اقتبس جزءاً من اسمه وغيرت الاسم الذي يظهر على كل صفحاتي لـ (رومادينهو).

ما الذي دفعك لكل ذلك؟

هذا الساحر البرازيلي عانى كثيراً من أجل أن يثبت ذاته وأن يكون له اسم كبير في كرة القدم، والطريقة التي يلعب بها تلهم الجميع للعب الكرة من خلال الاستمتاع بالأداء الساحر الذي يمتاز به.

* ما هي المشكلات التي واجهتك عقب الإصابة؟

بعد تعرضي للإصابة واجهت مشكلات كبيرة وتحديات صعبة تتمثل في مواجهة المجتمع وخاصة الأطفال في عمري، واجهت المشاكل والحلول في آن واحد وكنت على وشك الانهيار النفسي لكن عندما وجدت طريقي في لعب كرة القدم أسهمت هذه الفرصة في تغيير كثير من الانطباعات التي تحوم حولي وتحسنت نفسياً بشكل أفضل.

* هل تراجعت أحلامك عقب تعرضك للإصابة؟

في البدء كنت في سن لا يسمح لي بأن يكون لي سقف من الطموحات وبالتالي كنت في حالة نفسية حرجة لا تسمح لي بالتفكير جيداً حول ما سيحدث، لكن تعرضي للإعاقة في سن مبكرة حتم عليّ تقبل ما جرى ومع تقدم العمر أصبحت أضع خططاً من أجل أن أمضي قدماً لذلك كان تحصيلي الأكاديمي جيداً وهذا سمح لي بالمواصلة في التعلم من الحياة وكذلك التعليم بشكل خاص، والعلم نور والحمدلله الذي أنار بصيرتي في كثير من القرارات إلى أن تخرجت من الجامعة وتشكلت حياتي بشكل يراه الناس ناجحاً أو على أسوأ الفروض مقبولاً، وبالنسبة لي فقدت عضواً واحداً من جسدي وهناك من كان فقده أكبر، وعزيمتي كانت أكبر من أن استسلم للإصابة.

* كيف خططت لتسجيل الرقم القياسي؟

كان الأمر معقداً نوعاً ما، من ناحية أن تشكل فكرة لتقوم بشيء ناجح ومميز، في عام ٢٠٠٠م كانت السنة الأولى لي بالجامعة خططت عبر إدارة الجامعة مع الأستاذ الفاضل مبشر كرشوم، لتسجيل رقم قياسي ولم يحالفني التوفيق لأسباب خاصة بمعدات التصوير ووقتها لم يكن لدينا إمكانيات كبيرة لتغطية حدث وإثباته عبر الفيديو، وظلت هذه اللحظات تصاحبني إلى أن وفقت في 2022م من تسجيل رقم باسمي وباسم بلدي السودان، وذلك بعد مجهودات خرافية اشترك فيها عدد كبير من الناس، وكنا ناجحين في الوقوف على كل صغيرة وكبيرة من ارشادات وقوانين خاصة بموسوعة دبي.

وهذا العمل لم يكن سهلاً وتم في (18) شهراً متواصلة بمساندة الأصدقاء من السودانيين والإماراتيين وغيرهم.

ما هو الرقم القياسي الذي حققته؟

حققت رقماً قياسياً عالمياً بتسديد أسرع ضربات جزاء والبالغة (356) ضربة جزاء في ساعة واحدة، ودخلت ضمن إصدارة (غينيس) للأرقام القياسية في كتابها السنوي (2023م) الذي صدر في الأول من أكتوبر 2022م في مختلف أنحاء العالم.

ودخلت الموسوعة عبر الفئات المخصصة لأصحاب الهمم.

* كيف تمت عملية التواصل بخصوص دخولك للموسوعة؟

كان شقيقي الأصغر داؤود رحمة مقيماً في الإمارات وهناك المكتب الإقليمي للموسوعة، حيث قام بأغلب الأعمال التنسيقية اللازمة من اتصالات ومراسلات إلى أن حددت لي الموسوعة يوماً لتصوير وإثبات رقمي وتم بفضل الله النجاح في كل هذه المجهودات.

* ماذا يعني لك الوصول لهذا الحلم؟

تحقيق هذا الحلم هو أحد أجمل الأشياء التي قمت بها، حيث كان حلماً سعيت له بكل جهدي وإمكانياتي المتواضعة وهو شيء سيظل مرتبطاً باسمي واسم بلدي ويجعلني فخوراً على الدوام لكوني تخطيت جداراً صعباً في أذهان الكثيرين يسمى الإعاقة، وأنا فخور للغاية لكوني سوداني وأشعر أن ما حققته لا يسوى شيئاً مقابل ما يقدمه لنا الوطن والسودان أكبر من كل شيء.

* بعد تحقيق هذا الحلم، كيف تتعامل مع هذا الإنجاز؟

بالطبع هذا النجاح من الطبيعي أن يجعلني توّاقاً لأعمال ناجحة أخرى، ويجب عليّ دوماَ أن أكون رمزاً للأمل وأن أعمل لإيصال رسالتي لعدد كبير من الناس، تلك الرسالة التي تتمثل في أهمية التمسك بالحلم مهما تأخر وأن أعزز الثقة في نفسي أكثر ليستمد مني الآخرين الثقة والاعتزار بالنفس، وأن نسعى دوماً لأن نصبح مهمين بل مهمين جداً لأنفسنا وللآخرين.

* بالطبع لديك رسالة لذوي الهمم، ماذا تريد أن تقول لهم؟

رسالتي لذوي الهمم أن الأشياء التي نريدها لا تأتي بسهولة، لكننا نستمر في الكفاح من أجلها ومعاً نستطيع و(سوا بنقدر)، نستطيع تحقيق كل أحلامنا إذا قمنا بتعزيز ثقتنا في أنفسنا بما نملك من قدرات ومهارات وطاقة هائلة أودعها فينا رب العالمين، كونوا سعداء بما تملكون وعبروا عن أنفسكم لأن السودان هو أفضل مكان يمكن من خلاله أن نبدع.

* ما هي خطتك المستقبلية بعد أن وصلت لهذا الانجاز؟

أسعى من خلال خطتي المستقبلية لفتح أكاديمية رياضية ثقافية اجتماعية خيرية تضم كل الأشخاص ذوي الهمم وترعى مواهبهم في المجالات المختلفة، دون أن يكون هنالك مقابل وهي فرصة لنبرز الجانب المشرق من هؤلاء الأشخاص الطيبين، ومن خلال الرعاية يمكن لأي شخص موهوب أن ينمي مهارته وإيجاد شراكات لعدد من القطاعات حتى يكون لكل شخص الفرصة في الوصول لهدفه والاستفادة من أية موهبة وهبها له المولى عز وجل.

وكذلك أسعى لتسجيل رقميين قياسيين والمشاركة في مونديال قطر   2022م.

لديّ عزيمة لتحقيق المزيد من الأعمال وأنا أؤمن بأن الوصول للنجاح لا يكفي، وأنه من المهم أن أستمر في تحقيق النجاح.

 

* ما هو شعورك بعد أن أصبحت مصدراً للاحتفاء من قبل المجتمعات؟

كان حب الناس ومشاركتهم لي الفرحة من أجمل الأشياء وهذا الحب هو فقط ما أضافته لي هذه الشهادة، لكن لم أتلق تهنئة من مؤسسة على مستوى الدولة (وزارة الشباب والرياضة)، وكان للأندية السودانية بالإمارات قصب السبق في تكريمي وتقديم هدايا ووشاحات تذكارية مما أسعدني كثيراً حيث تم تكريمي من (4) أندية سودانية بالإمارات، وهذه الجائزة لا توجد بها مكافآت ولم أتلقّ أموالاً من أية جهة كما يزعم الناس وهي فقط شهادة تمنح ويتم تسجيل اسمك في التاريخ، وفي ظل كل هذه الظروف أحمد الله الذي أعانني في توفير كل تكاليف تحقيق الرقم وتكاليف سفري وإقامتي لأكثر من ستة أشهر وكانت هذه الفترة مليئة بالنشاط والاحتفالات وحب الناس وهذا أقيم من كل الأموال.

* كيف تنظر لنيلك الإقامة الذهبية في الإمارات؟

هي فرصة رائعة جداً للعيش والتواجد بالدولة لعشرة أعوام ورغم أنه تم ترشيحي رسمياً من قبل وزارة تختص بشؤون الرياضة هنا إلا أنني لم أوفق في استلامها أو الحصول رسمياً على إقامة ذهبية.

* ستكون متواجداً كضيف شرف في كأس العالم في قطر، كيف تنظر لهذا الأمر؟

هذه فرصة رائعة للاطلاع على أحدث ما توصلت له صناعة كرة القدم، وكذلك فرصة رائعة للالتقاء بأكبر مجتمع رياضي عالمي، ولمشاهدة أجمل وأقوى المباريات والاستمتاع بالأجواء ومشاهدة أفضل لاعبين في تاريخ كرة القدم مثل ميسي ورونالدو.

كيف تمت دعوتك لحضور كأس العالم في قطر؟

تم دعوتي وتقديم كل ما يلزم من قبل الأخ الرحالة طه الخليفة، باقتراح من صديقي العزيز رجل البر والإحسان لؤي يعقوب، وإذا أمدّ الله في الآجال سوف أكون واحداً من المحظوظين الذين سمحت لهم الظروف بحضور أول مونديال على أرض عربية قطر –  الدوحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *