الأزمة السودانية والتطورات الإقليمية والعالمية (28)
بقلم: حسين سعد
نواصل في المحور الثالث والأربعون من سلسلة حلقاتنا التي نحاول من خلالها متابعة (الازمة السودانية والتطورات الاقليمية والعالمية والمحلية)متابعة الحضور الصيني في القارة السمراء وتشير تقارير الي ان التواجد الصيني في القارة الأفريقية إلى التقدم الذي شهدنه السياسة الخارجية الصينية، وما صاحبها من تصاعد دور ونفوذ الصين کقوة عالمية إبان تفکک الاتحاد السوفيتي، وانفراد الولايات المتحدة بقيادة العالم في ظل سياسة الهيمنة والقطب الواحد؛ حيث اتجهت الصين لتطبيق سياسة التوسع، والعمل على التوازن الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، والبحث هي الأخرى عن وجود أحلاف لها لإثبات تواجدها ونفوذها بهدف تأمين مصادر النفط. ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل سعت الصين لأن تکون شريک قوى ومنافس للولايات المتحدة وفرنسا في القارة الأفريقية؛ حيث تضاعفت التجارة بين الصين وأفريقيا ،تاريخيا دعمت الصين حركت التحرر الافريقية التي بدأت في خمسينيات القرن الماضي وكان ذلك الدعم النواة التي انبثقت منها العلاقات، وتمثل الأيديولوجية الاشتراکية السمة السائدة في العلاقات الصينية الأفريقية إلا أن الأمر اختلف نتيجة للتغيرات الدولية مع بداية تسعينيات القرن الماضي والتطور الذي عرفته الصين؛ حيث تحولت علاقاتها بدول القرن الأفريقي خاصة وبأفريقيا عامة من الارتکاز على العوامل الأيديولوجية، ومساندة النظم ذات الطابع الشيوعي إلى إقامة علاقات يغلب عليها طابع المصالح، والمنافع المتبادلة حيث كانت التوجهات الصينية الاقتصادية بالقارة السمراء لفتح أسواق جديدة في أفريقيا فبعد أن انتزعت الصين نصف الأسواق الأفريقية منذ عام 2000م أصبحت ثاني أکبر شرکاء القارة الأفريقية في عام 2010م بعد الولايات المتحدة الأمريکية، وقبل فرنسا التي کانت تشغل مکانه کبيرة في اقتصاديات القارة، کما تمثل هذا البعد فيما قامت به الصين من تأسيس العديد من المؤسسات الاقتصادية ذات الطابع التعاونى المُتميز لتعزيز العلاقات على جميع الأصعدة بينها وبين دول المنطقة، إذ کانت تهدف تلک المؤسسات إلى ترسيخ العلاقة القوية بين الصين ودول القارة الأفريقية عموماً ودول منطقة القرن الأفريقي بشکل خاص، ومن أمثلة تلک المؤسسات (صندوق التنمية الصينية الأفريقية) الذي تم تأسيسه عام 2006م، وکذلک تم تأسيس منتدى التعاون بين بکين والقارة الأفريقية ليکون مُکملاً في عمله لصندوق التنمية سالف الذکر، ويهدف هذا المُنتدى إلى المساواة والمنفعة المُتبادلة والتشاور المُتکافئ وتعزيز التفاهم وتوسيع التوافق المُشترک وتقوية الصداقة ودفع التعاون، ويضم المُنتدى في عضويته الصين و53 دولة أفريقية تُقيم علاقات دبلوماسية مع الصين ومفوضية الاتحاد الأفريقي بهدف التنسيق والتعاون المُشترک بين الدول الأفريقية والصين؛ إذ کان حجم التبادل التجاري الصيني الأفريقي في بداية التأسيس هو10 مليار دولار، وبعدها بأربعة أعوام تجاوز حجم التبادل بين الجانبين 40 مليار دولار.
حق الفيتو..
من الملاحظ في السياسة الصينية تجاه الأحداث الأفريقية هو موقفها من بعض القضايا والأزمات الأفريقية، ومنها على سبيل المثال الأزمة الليبية، فهي لم تستخدم حق الفيتو کما کان متوقعاً ضد القوى الغربية فيما يخص الشأن الليبي، الأمر الذي کلف الاقتصاد الصيني خسائر کبيرة، وجاء ذلك على خلاف الموقف الصيني تجاه العقوبات السورية،حيث استخدمت الصين حق الفيتو ضد قرار فرض العقوبات في مجلس الأمن، وقد يرجع السبب في ذلک إلى: التأثر بالموقف الروسي المدافع عن المصالح الجيواستراتيجية هناك، ومن وجه نظر أخرى المحافظة على العلاقات الصينية الروسية وعدم المخاطرة بفقدان الدعم الروسي لها، والذي قد يکون داعماً لها في المستقبل. کما يکشف هذا الموقف الصيني أحد ردود الأفعال المباشرة على ما قامت به الولايات المتحدة من الإعلان عن التحول في إستراتيجيتها نحو منطقة المحيط الهادي الآسيوي، وهى الإستراتيجية التي تم التعبير عنها من قبل الرئاسة الأمريکية بأنها مراجعة دفاعية تقوم على ترکيز القوات الأمريکية في المحيط الهادي والتي تنم عن توتر العلاقات بين الطرفين في هذه المنطقة نظراً إلى إدراك الصين أن الولايات المتحدة تقوم بما أطلق عليه بعض الباحثين (هندسة الجيوسياسية )وهو ما جعل الصين ترد في مناطق أخرى قد شکلت الأزمة السورية، والقرن الأفريقي فرصة لبعض هذا الرد ففي خطوة جديدة لتؤکد التحول الاستراتيجي في السياسة الخارجية الصينية وتزايد الأهمية الجيوسياسية للقرن الأفريقي في هذه السياسة، أعلنت الخارجية الصينية في يناير 2016م التوصل لاتفاق مع جيبوتى لبناء قاعدة عسکرية بحرية صينية، تعتبر أول قاعدة عسکرية تمتلکها الصين في الخارج، وهناک أيضاً مؤشرات عن توجه الصين لبناء قواعد في کل من السيشل، وموريشيوس وهو ما يعنى تصاعد الانخراط الصيني في القضايا الأمنية الأفريقية مستقبلاً .
الإستراتيجية المحسوبة..
ويمضي الدكتور هرون في كتابه (الجغرافيا السياسية و الجيوبلوتكس) تتبع الصين إستراتيجية حذرة سماها بعض المفكرين (الإستراتيجية المحسوبة) وهي تهدف إلى حماية نفسها من التهديدات الخارجية فهي تمارس اكبر قدر من ضبط النفس و تستخدم شعار (نمو الصين السلمي) لطمأنة بلدان شرق اسيا و الولايات المتحدة من ان نمو الصين الاقتصادي و العسكري لا يشكل أي تهديد للسلم و الإستقرار بالمنطقة في الوقت نفسه سعت إلى بناء علاقات إستراتيجية مع دول جنوب شرق اسيا من خلال دخول التجمع الإقتصادي لشرق اسيا الذي يضم دول الآسيان بالاضافة إلى الصين و اليابان و كوريا الجنوبية تتخوف دول الاسيان من تهديد الصادرات الصينية لبعض قطاعاتها الإقتصادية، الوجود الروسي غير محسوس في هذه المنطقة، لكن ساهمت روسيا عبر رابطة شنغهاي إلى دعم الإسطول الصيني في بحر الصين لمجابهة التهديدات البحرية الأمريكية فمياه روسيا الأقليمية تتجمد معظم شهور السنة نتيجة لتفكك الاتحاد السوفيتي ظهرت سته جمهوريات في اسيا الوسطى و هي تركمستان، طاجكستان، قرغيريا، كازخستان، اوزبكستان ،و اذربيجان،ومن المنظور الجيوبولتيكي تعتبر منطقة هامة فهي تربط اسيا و اروبا و الشرق الاوسط،أما العامل الاقتصادي والعسكري هو الأهم بالنسبة لروسيا إقتصاديآ اهتمت روسيا بربط الجمهوريات بالإقتصاد الروسي أما عسكريا فالهدف يتركز اساسا في العمل على تجريد دول اسيا الوسطى من السلاح النووي المتبقي من الترسانة النووية السوفتية الصين تعمل من جهتها إلى بناء تحالفات ارواسية مع روسيا ودول آسيا الوسطى في إطار منظمة شنقهاي للتعاون وللتزود بالنفط عبر الخطوط البرية الخاضعة لسيطرتها. ووضعت الصين استراتيجية في علاقاتها مع آسيا الوسطى تعتمد على.
أولا..التكافؤ والمنفعة المتبادلة
ثانيا..توسيع أشكال التعاون
ثالثا..تطوير النقل وبناءطريق الحرير الجديد. (يتبع)