الجمعة, أبريل 26, 2024
تقاريرسياسة

حوار الحريات الدينية بالسودان.. خطوات في طريق دولة المواطنة

تقرير: فاطمة علي سعيد

طالبت توصيات الطاولة المستديرة حول وضع الحريات الدينية في السودان، خلال الفترة الانتقالية، بضرورة مراجعة المناهج، وسن قوانين رادعة وتشريعات تكفل حق المواطن، وإشراك المسيحيين مشاركة نوعية في كافة مستويات الدولة، وإقامة دولة القانون على أساس احترام التنوع وقبول الآخر.

وأمنت توصيات المائدة المستديرة التي نظمتها مبادرة حقوق الإنسان، وأُقيمت السبت الماضي بفندق (قراند هوليداي فيلا) بالخرطوم، على أهمية وضع تشريعات تحترم الحريات الدينية، وشددت على إلغاء كافة القوانين والتشريعات القائمة على أساس ديني واستبدالها بقوانين متوافقة مع المواثيق والمعاهدات الدولية.

الإعلام وقبول الآخر

ودعت التوصيات لتفعيل دور وسائل الإعلام في نشر ثقافة قبول الآخر خاصة الإذاعة والتلفزيون، ولضرورة عكس التنوع الثقافي والديني، وطالبت بفصل الدين عن الدولة ووضع دستور دائم يقوم على إدارة التنوع.

وشددت التوصيات على إنشاء مفوضيات للفساد، وتغيير المناهج على أساس تعدد الأعراف والديانات، وتقنين التعليم في الخلاوى بصورة تعكس سماحة الدين دون التوسع بغير موافقة وزارة التربية والتعليم.

وشددت التوصيات على عدم تسمية القوانين بأسماء دينية، ومراجعة المناهج الدراسية، وتعيين المعلم المسيحي لتدريس مادة التربية المسيحية في كافة المدارس، وإيجاد قوانين لردع الإرهاب والتكفير وخطاب الكراهية والتعصب والتمييز، ولفتت إلى ضرورة أن تؤدي منظمات المجتمع المدني دوراً في التوعية بالتنوع والابتعاد عن العنصرية والتمييز الإثني وقبول الآخر.

حرية الدين والمعتقد

وقال رئيس المبادرة محمود شازلي، إن الأمم المتحدة اعترفت بأهمية حرية الدين والمعتقد في المادة (18) من الإعلان العالمي حقوق الإنسان والذي اعتمد سنة 1948م، وأشار إلى أن النظام المخلوع روج لمدة (30) عاماً خطاباً تمييزاً ومعاملة سيئة على الجميع بمن فيهم الأقليات الدينية بفرض قيود، على الرغم من أن الدستور نص على حماية حرية الدين أو المعتقد.

وأوضح محمود، أنه حتى الوقت الراهن لا يخلو القانون الجنائي والقوانين الأخرى من تشريعات وعقوبات مبنية على أسس تمييزية دينية، وأضاف: (آن الأوان لتنتهج الحكومة الانتقالية منهجاً مختلفاً يتماشى مع التسامح السوداني والمعايير الدولية التي صادق عليها السودان).

وتمسك رئيس المبادرة، بأهمية العمل المتواصل في التوعية المجتمعية بحرية الدين والمعتقد، وتوضيح أهمية وجود قانون تيقق العدالة ويضمن المساواة والاستقرار والتسامح في السودان.

محاربة الكراهية

ومن جانبها شددت وزيرة الشباب والرياضة ولاء البوشي، على ضرورة محاربة خطاب الكراهية، ودعت رجال الدين والطوائف الدينية المختلفة للاتفاق والعمل على المحبة، واحترام الأديان والاختلافات والتنوع حتى لايقع الظلم، وقالت: (نحن بحاجة لوحدة البلاد وإزالة الظلم)، ونبهت إلى أن الطريق صعب وبه تحدٍ.

وأبانت الوزيرة أن الخلافات الدينية دمرت بلداناً في العالم وعملت على إعلاء الفتن ونشوب الحروب على مر التاريخ بسبب عدم الاعتراف بحق الأشخاص في اعتناق أديانهم، على الرغم من تعدد الرسالات السماوية التي حثت على المحبة بين الناس.

وأشارت وزيرة الشباب والرياضة إلى كثرة الظواهر السلبية في السودان كالتكفير والتعنت وخطاب الكراهية، وتمسكت بضرورة عدم التفرقة وتعمير الأرض وإشاعة السلام واحترام الآخر ونصرة المظلوم، ورأت أن الاختلاف يمثل فرصة لتوحد السودانيين احتفاءً بالتفرد.

وأعربت الوزيرة عن استيائها من عدم مثالية الوضع، ولفتت إلى فقد السودان جزءاً منه – في إشارة لانفصال الجنوب- بسبب عدم قبول الآخر والتمييز على أساس العرق واللون والدين، واعتبرت أن الشعب قادر على التغيير بعد ثورة ديسمبر، وأن الحكومة يمكنها أن تسن قوانين وتشريعات تحترم الحريات، ودعت للعمل بمبدأ المواطنة بين كافة السودانيين.

ومن جهته اعتبر ياسر عرمان، رئيس وفد مقدمة الجبهة الثورية، ونائب رئيس الحركة الشعبية شمال بقيادة مالك عقار، أن انفصال جنوب السودان أحد أسباب القضايا الدينية، وقال: (هي قديمة ومرتبطة بالبناء الوطني وليس الانقاذ).

وأضاف أن قضية التمييز العنصري والإثني سواء في جنوب السودان أو جنوب كردفان أو النيل الأزرق هي قضية عالمية، شهدت في العالم صراعات حتى في الدين المسيحي نفسه.

مطالبة بالاعتذار

وشدد عرمان على أهمية الاعراف بالانتماءات الأخرى في السودان والعمل بمبدأ المواطنة، وأن يكون الخطاب شاملاً للتنوع السوداني، ونادى بالإصلاح العدلي.

وأوضح رئيس وفد المقدمة ونائب رئيس الحركة الشعبية أن اتفاقية السلام التي تم توقيعها مؤخراً في جوبا ناقشت ضرورة انشاء مفوضية قومية للحريات لمخاطبة التنوع الديني في السودان، وطالب الدولة بالاعتذار عن كافة أنواع التمييز، وطالب بأن تشهد المؤسسات العسكرية تنوعاً مثل غيرها.

ودعا عرمان الدولة للوقوف على مسافة واحدة من الأديان، وذكر: (نتحدث عن الدولة المدنية وليس العلمانية).

نهج جديد

ومن ناحيته أبان مستشار وزير الشئون الدينية يعقوب بطرس، أن الوزارة بدأت بتحركات في كل الولايات ووضعت أسساً جديدة للإدارة صممها قانون الحريات الدينية، وقال: (نحترم جميع الديانات ونقف في مسافة واحدة منها)، وأبدى أسفه على المواقف التي اتخذها النظام المخلوع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *